"اليوم حطمت ميلاد جدران السجن وحرّرت والدها من قيده مبشّرة بميلاد الحرية، ميلاد التحدي،
اليوم جاءت ميلاد إلى الدنيا في مدينة البشارة - الناصرة لتكون ميلاداً للبشارة، حاملة نور المحبة والسلام" هذا ما كتبته سناء سلامة بعد ساعات قليلة من وضعها لمولدتها الأولى من زوجها المعتقل وليد دقة عبر النطف المهربة.
وقبل ولادة نطفة المقاومة "ميلاد" بأيام أرسل والدها رسالة إلى أمها التي رقدت في المستشفى قبل وضعها وكانت في حالة حرجة، وكتب مستبشرا من داخل معتقله: "أكتب لابني الذي لم يأت الى الحياة بعد، أكتب لميلاد المستقبل، فهكذا نريد أن نسميه، وهكذا أريد للمستقبل أن يعرفنا".
مجيء "ميلاد" إلى الحياة كان فرحة غمرت كل محبي "وليد وسناء" فالجميع ذهب إلى المستشفى ليقبل الصغيرة ويتحسس ملامحها التي لم تحدد بعد، فكانوا يرددون تارة أنها شبيهة والدها وتارة أخرى أنها جاءت لأمها سناء.
الاسير "وليد" يبلغ من العمر الآن 59 عاما، واعتقل سنة 1986، وأصدر بحقه حكم بـ 37 سنة بتهمة أسر الجندي موشي تمام عام 1984 وقتله، برفقة ثلاثة مقاومين، وعادت محكمة الاحتلال المركزية في بئر السبع لإصدار حكم آخر في 28 مايو الماضي، بزيادة عامين آخرين حين وجهت له تهمة إدخال هواتف نقالة إلى الأسرى في سجون الاحتلال.
والد "ميلاد" علم بعد ساعات من ولادة صغيرته، كون الاحتلال احتجزه منذ أسبوع في "معبار" سجن مجيدو ومنعه من التواصل مع زوجه، عدا عن أن السلطات الاحتلال منعت بقرار قضائي الأسير وزوجه سناء، من حقهما الإنساني والطبيعي في إنجاب الأطفال، وشرعت بسلسلة من الإجراءات العقابية بعد حمل الزوجة عن طريق تهريب نطفة من داخل الأسر قبل أشهر، بعد منعهما لأعوام طويلة من التواصل المباشر خلال الزيارات.
ما يفعله الاحتلال هو قتل وتحطيم لمعنويات فلسطيني معتقل انتصر على سجانه بعد معاناة 34 عاما، فإدارة السجون سعت لقتل لحظة الفرحة عند خروج "ميلاد" للحياة بالتنغيص على والدها، لكن فرحة المحيطين أغاظت الاحتلال أكثر.
وكان الأسير "وليد" ابن مدينة باقة الغربية في منطقة المثلث داخل الأراضي المحتلة، تزوج من الصحافية "سناء" عام 1999 بعد أن زارته داخل السجن لتكتب عن معاناة الأسرى الفلسطينيين، وكان زفافهما سابقة في تاريخ الحركة الأسيرة، إذ أجبر الأسرى سلطات الاحتلال على السماح لهما بالتقاط صور وفيديو خلال الزفاف، ومشاركة 9 أسرى في الحفل، وتشغيل موسيقى كأي حفل زفاف آخر، كما كانت المرة الأولى التي يعانق فيها عائلته.
"ميلاد" الصغيرة هي بعمر أحفاد من هم في جيل والدها "وليد"، فهو قبل أن يراها تكلم معها قبل عشر سنوات، حين كتب" أتحسبني يا عزيزي قد جننت؟ أكتب لمخلوق لم يولد بعد؟ سأظل أحلم رغم مرارة الواقع، وسأبحث عن معنى للحياة رغم ما فقدته منها".
تقول الحقوقية عبير قاسم لـ "الرسالة": انتصر وليد وسناء بولادة ابنتهما "ميلاد"، بعد معاناة في المحكمة الإسرائيلية للحصول على الحق في غرفة المعاشرة كونهما يحملان الجنسية (الإسرائيلية) لعيشها في أراضي الـ 48 لكن رد طلبهما"، متابعة: من المرة الأولى نجحت عملية الزراعة عند تهريب الحياة من قبور المعتقلات".
وبولادة "ميلاد" يصل عدد سفراء الحرية حوالي 83 ممن خاض أهلهم تجربة تهريب النطف التي تعتبر أملا للأسرى، وخاصة القدامى منهم واصحاب الأحكام الطويلة في ظل أعمار تتلاشى داخل السجون.
وتجدر الإشارة إلى أن أول ولادة طفل من النطف المهربة من داخل السجون سجلت في منتصف العام 2012 حيث أنجبت زوجة الأسير عمار الزبن المحكوم بالسجن 27 مؤبدا و25 عاما طفلها الأول مهند.