دون انتباه وقليل من الاهتمام مر رضوخ الولايات المتحدة لحركة طالبان دون مواقف واستغلال، لربما تتفهم سلوك لاعبين لديهم موقف تقليدي مسبق من طالبان لا يربطهم فيها ولا بأفغانستان أي صلة، لا تؤثر فيهم ولا عليهم، لا يخضعون لاحتلال ولا تربطهم صلة بمن يعاني الأمرين من الاحتلال، فلا مصالح مادية ولا قيمية، لكن حركات ثورية تقاتل وتقاوم أعدائها المحتلين تدفع ثمن مواقفها، لن يُحسب لها حساب إلا باستقلال شخصيتها وقوة تعبيرها الصادق عن مواقفها الحقيقية، امريكيا تشكل خطراً شديدا عليها من خلال الدعم اللامحدود؛ سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا لعدوها المركزي الكيان الصهيوني، لا يستوقفها هزيمة امريكيا، علماً أن حركة طالبـ ـ ـان منذ عقدين وهي تقاتل بصبر وطول نفس الولايات المتحدة.
آخر الحركات الثورية التي لا زالت تقاتل خارج فلسطين بصرف النظر عن طريقة فهمها للحياة، إلا أن مواقفها الصلبة وقدرتها على الوحدة خلف هذه المواقف واستمرارها بالقتال بلا هوادة على الأرض في حرب صغيرة لمواجهة عدو كبير (حرب عصابات) حتى أجبرته على الخنوع لكل مطالبها تشكل نقطة قوة للحركات المقاومة وأمل كان الأجدر بها الانتباه لهذه القيمة والاستفادة منها من خلال تأطير عناصرها وإحياء الأمل في نفوس أبناءها وداخل صفوفها، أن هؤلاء المستكبرين يسقطون تحت الضربات المستمرة، يذعنون أمام المواقف الراسخة.
فهذه الولايات المتحدة رأس الشر والداعم الأول للاحتلال، وصاحبة الدعوات لعدم التسليم بالحقوق الوطنية المتناقضة مع الامبريالية والاستكبار، هزيمتها لم تسترعي انتباه الحركات الثورية المقاوِمة، على ما يبدو تقاتل في إطار الهوامش المسموح فيها مع الالتزام بالقيود المفروضة عليها.
فما الذي يمنع الحركات الوطنية والإسلامية الفلسطينية من تثمين انتصار طالبان المجرد على الامبريالية وقهر إرادة الشر، وإضاءة الأمل بأن المقاومة هي الطريق والسبيل الأوحد لكسر حلقات الظلام وهزيمة الظلم والإجرام!؟