قائد الطوفان قائد الطوفان

شقيق الكرمي: نشأت أبلغنا أنه مقبل على الشهادة

القدس – خاص بالرسالة نت

وسط العبرات الحزينة والأكف المتضرعة بالرحمة والقبول، جلست "أم حور العين" تستقبل المهنئين باستشهاد زوجها، تنظر تارة إليهم وتارة إلى صورته المحملقة بها، ثم تغطي وجهها بكفيْها وتستغفر خالقها.

وفي ظل ازدحام المهنئين وأكوام الدعوات المتناثرة لروحه، لم تُفلح أي المحاولات بانتزاع عبرة منها، تقف بثبات وحتى تبتسم أمامهم وهي تحمل ابنتها التي حلّت على الدنيا منذ أربعة أشهر فقط، هو حال زوجة الشهيد نشأت الكرمي التي اقترنت به منذ عام كان كفيلاً أن يعلّمها حب زوجها للشهادة.

"لم نتفاجأ"

وفي الجزء المخصص لاستقبال المهنئين من الرجال وقف الأسير المحرر بشار تتجاذبه الدعوات والتبريكات، ليس كما توقع الجميع أن العائلة مكلومة برحيل ابنها أو أنهم يشعرون بصدمة بعد اغتياله، بل كانوا يثبتون الآخرين ويقنعونهم بأنه فرح بما آتاه عند ربه.

ويقول بشار الكرمي لـ"الرسالة نت":" نحن لم نفاجأ أبداً، لأن نشأت أبلغنا أنه مقبل على الشهادة وأن الاحتلال يسعى لاغتياله فتحضّرت نفوسنا لاستقبال هذا الخبر في أي وقت، وحتى زوجته لم تذرف دمعة واحدة وبقيت تشكر الله على نعمة الشهادة".

وحول تلقيهم خبر محاصرته ومن ثم استشهاده أكد بشار أن زوجة نشأت هاتفتهم وأبلغتهم بأن الصهاينة يحاصرون بناية سكنية يُعتقد أن زوجها يتحصن بداخلها، "فقط ادعوا له بالنصر أو الشهادة"، هكذا ختمت محادثتها وبدأت بعدها بالصلاة وتكثيف الدعوات.

ويتابع:" عندما أخبرتنا زوجته بمحاصرته بدأنا بالدعاء له ولم ننم طيلة الليل، وتهيأنا أنه سيلقى ربه شهيداً فحضّرنا أنفسنا وثبّتنا أفراد العائلة والحمد لله لم يفلح الصهاينة في قهرنا، ثم وبعد عدة ساعات أبلغنا بأنه ارتقى شهيداً فحمدنا الله كثيرا على نعمته وفرحنا لفرح الشهيد".

صابر ومثابر

وتتوالى الكلمات على لسان بشار وكأنه يرى شقيقه أمامه، يذكر حسن أخلاقه وسلوكه الهادئ وطباعه المستحبة، كما يستذكر صبره وقوة تحمله، فمنذ أن خرج من سجون الاحتلال قبل عام تقريباً أخبر عائلته بأنه يريد الزواج والاستقرار في مدينة الخليل بسبب طبيعة عمله مهندساً.

ويضيف:" في بداية زواجه كانت أموره طبيعية للغاية، كنا نراه ونزوره ويزورنا، ولكن بعد فترة قليلة قلت حركته وأصبح يختفي عن الأنظار، ومؤخراً سمعنا اسمه يتوارد في وسائل الإعلام وأنه مطلوب وما شابه فلم نكترث لكل ذلك، وفي إحدى المرات قال لنا نشأت إنه مطارد بعد عملية الخليل وإنه يتوقع أن يقوموا باغتياله في أي وقت، فتمنينا له الشهادة أو النصر".

ورغم صعوبة التواصل مع عائلته في مدينة طولكرم أثناء فترة مطاردته إلا أن صورته بقيت ماثلة أمامهم يستذكرونه في كل لحظة ويدعون له بالثبات، كما كانوا يهاتفون زوجته يومياً ويطمئنون عليها ويثبتونها بدورهم.

أما حور العين التي أسماها نشأت تيمناً بنعم الخالق على الشهداء فكان يدرك أنه لن يراها تكبر أمامه أسوة بكل الآباء، ومنذ ولادتها لم يرها إلا مرات قليلة كان يطبع فيها قبله على خدها الصغير ويودعها ووالدتها ليلبي نداء الوطن في سبيل الله، حتى تمكّن بمثابرته من قتل أربعة مغتصبين وإصابة عدد آخر في عملية أثلجت صدور كل أهالي الضفة من الصادقين الشرفاء وأقضت مضاجع الخائنين منهم والاحتلال.

 

البث المباشر