للعام الثاني على التوالي، قررت السلطة الفلسطينية العمل بموازنة الطوارئ، بسبب فيروس كورونا، في حين عملت بها العام الماضي بعد أن اقتطعت (إسرائيل) أموال المقاصة ورفضت السلطة استلامها منقوصة.
ولعل اعلان "موازنة طوارئ" يضع العديد من علامات الاستفهام عن الوقت الذي يجب أن تُفرض بها هذه الموازنة، ومتى يمكن الاستغناء عنها.
وبمجرد اعلان موازنة الطوارئ، يتبادر إلى الذهن زيادة الدين العام على السلطة، وانخفاض معدلات النمو لأقل من ١٪، مع الخشية من الوصول لمستويات سالبة (ركود اقتصادي).
وتشير التقديرات إلى أن الأعوام الثلاثة المقبلة ستكون مرهقة للاقتصاد الفلسطيني ما لم يتم التدخل من الخارج لتعويض هذه الخسائر.
ووفق آخر إحصائية، يتوزع الدين العام المستحق على الحكومة بين دين عام محلي بقيمة 5.614 مليارات شيكل بنهاية يناير الماضي مقارنة مع 5.45 مليارات شيكل في ديسمبر 2019، ودين عام خارجي بقيمة 4.283 مليارات شيكل بنهاية يناير الماضي، صعودا من 4.210 مليارات شيكل بنهاية ديسمبر.
زيادة الديون
بدوره، أعلن رئيس حكومة رام الله محمد اشتية، إن حكومته ستعمل وفقا لموازنة طوارئ متقشفة، في ضوء التطورات المتلاحقة لفيروس "كورونا.
وقال اشتية إن إيرادات الحكومة ستنخفض إلى أكثر من 50% والمساعدات الدولية ستتراجع.
وتُعبر الموازنة التقديرية عن السياسة المالية للحكومة وتشكل خطة عمل لسنة مالية قادمة، وهي وكما يعرفها الماليون عبارة عن أداة رقابية تخطيطية.
وعادة ما تلجأ السلطة إلى البنوك لتغطية العجز في ميزانيتها وخصوصا في أوقات الطواري، وهو ما يضاعف الديون بفوائد مضاعفة.
وتبرز المشكلة في أن فترة التسديد للبنوك قصيرة والفوائد عليها كبيرة جدا، وهو ما يثقل كاهل الميزانية ويزيد من المتاعب المالية.
وينص قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية رقم (7) لعام 1998 في مادته رقم (3) على أن "يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة إلى المجلس التشريعي قبل شهرين على الأقل من بداية السنة المالية".
مع العلم أن المادة رقم (1) من القانون ذاته ذكرت أن السنة المالية تبدأ في الأول من يناير وتنتهي في الـ 31 من ديسمبر من كل سنة ميلادية، فيما أعطت المادة رقم (4) من القانون ذاته مهلة 3 أشهر بعد الموعد المحدد إذا لم يتيسر إقرار الموازنة بداية السنة الماليّة.
ووفق أجندة الموازنة، فإنه من المفترض أن تسلم وزارة المالية مسودة قانون الموازنة لمجلس الوزراء بتاريخ 14/11 من كل عام، كما تفيد الأجندة بأن مصادقة مجلس الوزراء على الموازنة تكون بتاريخ 28/11، على أن يتم تسليم قانون الموازنة المصادق عليها إلى المجلس التشريعي بتاريخ 1/12 لمناقشته واقراره.
ولعل أبرز هذه الديون تعود للبنوك المحلية التي تقرض الحكومة بفوائد كبيرة، وبعض الشركات الخاصة كشركات الأدوية والتصنيع المحلية، وكذلك اقتراض خارجي من دول صديقة وممؤسسات مالية دولية.
بدوره، قال الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى إن العمل بموازنة الطوارئ يعني أن للحكومة ورئاسة الوزراء حرية العمل المطلقة ببنود الموازنة وآليات الصرف.
وأوضح موسى لـ "الرسالة" إن العمل بخطة الطوارئ قد تزيد من المصاريف لقطاعات على حساب أخرى وبالتالي قد تضطر السلطة للاستدانة من أجل تعويض المصاريف.
وأكد على وجوب اعتماد آلية للعمل بنظام الطوارئ ووضع خطط مختلفة للمصاريف والسير عليها، مشيرا إلى أن الوقت الذي يجب أن نعمل به بنظام الطوارئ يجب أن تكون الحكومة بحاجة ماسة له.
وأشار إلى أن الحكومة أصلا لم تكشف عن موازنتها للعام الجاري حتى قبل اكتشاف فيروس كورونا، وكان يجب عليها اعداد خطة موازنة منذ شهر نوفمبر الماضي وهذا لم يحدث.
وتحول (إسرائيل) نحو 130 مليون دولار شهريا من أموال الضرائب التي تجبيها من المستوردين الفلسطينيين عبر المعابر التي تسيطر عليها، حسب اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بين الطرفين.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطة تعتمد على ثلاثة مصادر لتمويل نفقاتها؛ أولها الضرائب المحلية وتشكل حوالي 25% من الإيرادات الكلية للسلطة، والمصدر الثاني إيرادات المقاصة وتشكل حصيلتها النقدية حوالي 50% من الإيرادات الكلية للسلطة، أما المصدر الثالث لتمويل الموازنة، فهو المساعدات الخارجية، وتشكل نحو 25%