أزمة قرار أم أزمة خيار؟

"قمة سرت".. أبقت الباب موارباً للإملاءات الأمريكية

الرسالة نت - فايز أيوب الشيخ                                

بالرغم من التوصية المبهمة لاجتماع "سرت" بوقف المفاوضات المباشرة مع الاحتلال في حال استمرار الاستيطان، إلا أن المجتمعين فتحوا الباب على مصراعيه لمزيد من التدخل الأمريكي لاستئناف جهود إعادة إحيائها، وذلك وسط الحديث عن بدائل غامضة الشكل والمضمون.

وكانت لجنة المتابعة العربية وفرت الغطاء أكثر من مرة لاستمرار المفاوضات، في الوقت الذي اعتبرت فيه فصائل المقاومة الفلسطينية أن إعطاء التفويض لمفاوضات خاضتها "سلطة فتح" وأثبتت فشلها على مدار 17عاماً خارج صلاحيات اللجنة العربية.

التعويل الجديد

أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الستار قاسم، وصف التعويل على قمة "سرت" "بالكلام الفاضي"، مؤكداً أن التعويل على الجديد في القمم العربية لا يتأتي إلا بتغيير الأنظمة والزعامات العربية .

وصنف قاسم في حديثه لـ"الرسالة نت" الدول العربية - وهي في أضعف حالاتها - بأنها أنظمة في مُصطنعة ومُنصبة من الدول الاستعمارية، أو أنظمة تعتمد على المساعدات الغربية بإذن من أمريكا ، إضافة إلى دول عربية تتعرض للعقوبات الدولية نتيجة مواقفها المناهضة للهيمنة الأمريكية والسياسيات الغربية.

 واستهزأ قاسم مما طرحته "سلطة فتح" للبحث عن بدائل في حال تعثرت عملية المفاوضات  وكذلك من تأييد الدول العربية لهذا الطرح، فقال:"لا القيادة الفلسطينية ولا العربية معنية ببدائل حقيقية، وإنما بدائلها مرهونة باستعطاف الإدارة الأمريكية لكي تضغط على إسرائيل ".

وكان "كبير المفاوضين الفلسطينيين" صائب عريقات تحدث عن بدائل أخرى للمفاوضات،  تشمل دعوة الإدارة الأميركية إلى الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 67، و عن إمكانية الذهاب إلى مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطين، نافياً  نية عباس الاستقالة أو حل السلطة.

وتساءل قاسم ما الذي يتوقعه الزعماء العرب بعد نكث الرئيس الأمريكي لوعوده لهم بإقامة الدولة الفلسطينية التي أطلقها في القاهرة بعد توليه الرئاسة الأمريكية..؟، منوهاً إلى  أن الدول العربية كانت على مدار أكثر من ستين عاماً تتجرع مثل هذه الوعود ومازالت تستبشر في الإدارة الأمريكية الخير..!.

وشخص قاسم "المشكلة الفلسطينية" التي يحاول البعض اختزالها في مشكلة الاستيطان فقال بصراحة:"إن التنسيق الأمني الذي لا يتوقف مع الاحتلال أخطر بكثير من الاستيطان الذي يطالبون بوقفه".

واستغرب من الأطروحات الداعية إلى دعم موقف رئيس السلطة المنتهية ولايته في عدم الذهاب إلى المفاوضات إذا لم يتم تجميد الاستيطان، معتبراً أن عباس لم يقدم شيئاً حتى يسانده معارضوه. 

وشدد قاسم على أن الحل في المعضلة الفلسطينية هو في أن يعيد عباس النظر في سياساته الداخلية وأن يتصالح مع شعبه وألا يقاوم المقاومين ويعتبر المقاومين إرهابيين.. وإلا من يقول عن نفسه ضعيف فليرحل ويستقيل من منصبه، مؤكداً أن البدائل موجودة والشعب هو الذي يقرر مصيره وهو القادر على أن يقرر من يمكنه أن يدير الدفة.

السيد والآمر

من جهته اعتبر د.يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء، أن قمة "سرت" أفضت كسابقاتها من القمم عكس التطلعات العربية وخاصة الفلسطينية، مبيناً أن العرب ألقوا بالكرة في ملعب الإدارة الأمريكية لكي تبقى السيد والآمر بشأن المفاوضات المباشرة مع الاحتلال.

وأشار لـ"الرسالة نت" إلى أن حديث "سلطة فتح " عن بدائل بعد فشل المفاوضات "دليل عجز ولا تكشف عن مصدر قوة أو عن مصدر نقاش حقيقي وإنما تكشف عن عجز عربي واضح"، منوهاً إلى أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط صرح مؤخراً أن العرب لن يذهبوا إلى مجلس الأمن في الوقت الراهن.

واعتبر رزقة  أن الذهاب إلى مجلس الأمن واستصدار قرار حول حدود الدولة الفلسطينية كان هو البديل الأساسي والجوهري الذي تحدث عنه العرب قبل عدة أشهر وهاهم الآن يرجئوه مرة أخرى، مفسراً "أن الارتياح الإسرائيلي من قرارات قمة سرت هو ارتياح بديهي ومنطقي "، حيث أنه لا يوجد قرار واحد تم اتخاذه أصلاً , لافتا الى ان "إسرائيل" مرتاحة لأنه لا يوجد قرار والاستيطان سيستمر وأمريكا ستواصل الضغط على الجانب الفلسطيني وتحاول تقديم بعض الضمانات الشفوية للعودة إلى المفاوضات".

وكشف التلفزيون الإسرائيلي النقاب عن صفقة غير معلنة بين الإدارة الأمريكية والقادة العرب (دون استثناء) تفضي إلى إعطاء الرئيس الأمريكي اوباما مدة شهر للتفرغ لانتخابات الكونغرس المقرر نهاية هذا الشهر وبعدها تعمل الإدارة الأمريكية على البحث عن سبيل لحل مشكلة تعليق المفاوضات بين السلطة والإحتلال، ووافق القادة العرب على هذا الطرح.

وبالمقابل على الجانب الفلسطيني، فقد أكد رزقة أن الاستيطان سيبقى يلتهم الأراضي وسيواصل الاحتلال عمليات طرد المقدسيين وتهويد المقدسات من جهة ، وستتضاعف عمليات قمع المقاومة في الضفة الغربية من جهة أخرى.

وحول ما صرح به عريقات عن مسعى عباس للبديل باستصدار قرار من مجلس الأمن للحصول على اعتراف بالدولة على حدود 67، قال رزقة " إن السلطة ظلت طوال 17 عاماً وهي تحاول أن تسعى ولم تستطع الحصول على جزء من الدولة".

وختم بالقول " ليس المهم ما يفعله عباس لكن المهم ما يمكن أن تقرره أمريكا .. هل ستقرر الدولة أم لا..؟، مؤكداً أن أمريكا غير مهيأة لذلك إطلاقاً حتى الآن أو على الأقل حتى شهر ديسمبر، حيث أنه ليس هناك قرار أمريكي بدولة فلسطينية وحدود واضحة للدولة فلسطينية.

البث المباشر