قائد الطوفان قائد الطوفان

حين ارتقى القلم وتدفقت الدماء في سبيل الله

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

بقلم: خالد النجار

فادي البطش- العالم الفلسطيني- شهيد الفجر والعلم، الذي ترعرع بين صفوف حُفاظ كتاب الله تعالى، وعلى موائد العلم والمعرفة، والحاصل على جوائز عالمية في الهندسة الكهربائية، والذي خلده التاريخ بمداد من النور بين كنف الشهداء في القرن الحادي والعشرين.

تمر الذكرى الأولى لاستشهاد المهندس الفلسطيني فادي البطش، بعد رحلة طويلة قضاها في خدمة دينه ووطنه، فكان نِعم السفير الذي يمثل فلسطين على منصات التتويج، ورائداً فلسطينياً يحمل همّ أقدس قضية تاريخية في عالمنا المعاصر، فقد شهد له القريب والبعيد، وكان أنموذجاً سطر بدمائه كيف يحيا ويرتقي العظماء الكرماء من أبناء فلسطين، فدماءه ما زالت شاهدة على جريمة بشعة نفذتها أيدٍ صهيونية آثمة، بقرار الموساد الذي جاء في سياق قرار حكومة الاحتلال بتصفية بعض الشخصيات الفلسطينية العاملة في مجالات متخصصة، ومن يُشار لهم بالعمل ضمن صفوف المقاومة الفلسطينية بشكل مباشر أو غير مباشر.

فادي البطش ابن السادسة والثلاثين ربيعاً من عمره حين ارتقاءه، لم يحمل بندقية ليقارع بها العدو، بل وهبه الله تعالى عقلية وازنة، وفكراً معمقاً، خاض به تجارب كثيرة، بدءاً من حفظه لكتاب الله تعالى، ثم حصوله على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية، كذلك درجة الدكتوراه من جامعة مالايا بماليزيا، وأصبح من أبرز المحاضرين في جامعة كوالالمبور، ونشر العشرات من أبحاثه التي برزت من خلالها شخصيته وقدرته الخارقة والتي أوصلته إلى أن يصبح إسماً يتداوله الموساد لتنفيذ عملية الاغتيال.

رصاصات معدودة أصابت الجسد الذي لم يتوان لحظة في خدمة الانسانية دون تمييز بين هذا وذاك، فقد عمّت دراساته مكتبات دول عظمى، لتكون مرجعاً للعدو والصديق وكل طالب علم، فأين الجرم الذي ارتكبه الشهيد فادي ليتلقى تلك الرصاصات؟، وقد أُعدم بدم بارد وهو في طريقه لأداء صلاة الفجر، بعد أن رصدته القوة المنفذة لتلك الجريمة، ولاذت بالفرار، أمام تواطؤ سفارة فلسطين في إجراءات التحقيق، وأمام صمت دولي وعربي مريب إزاء هذه الجريمة النكراء التي نفذت بحق فلسطيني لا يحمل في جعبته إلا الإرادة والتضحية والوفاء لدينه ووطنه.

عملية الاغتيال جاءت تكراراً لعدة عمليات نفذها الموساد الصهيوني لعدد من الفلسطينيين من هم خارج الأراضي الفلسطيني، تأكيداً على أن مهام الموساد لم تقتصر فقط على اغتيال القادة السياسيين والعسكريين داخل الأراضي الفلسطينية، بل تعدى هذه المهمة ليطال العلماء والباحثين والاكاديميين في جميع أنحاء العالم، وقد أصبحت العواصم العربية مرتعاً وهامشاً واسعاً لتحرك عناصر الموساد، لتنفيذ سياسات القتل وملاحقة المطلوبين في أي مكان دون تردد أو حساب للقانون الدولي أو لسيادة الدولة التي يتم تنفيذ عمليات الاغتيال على أراضيها، والشواهد التاريخية كثيرة والتي خطت بدماء عشرات الضحايا الفلسطينيين والتي طالتهم أيدي الاحتلال دون الأخذ بعين الاعتبار أي عوائق من شأنها محاسبة المجرم وتقديمه للعدالة الدولية.

في ذكراك الأولى شهيدنا فادي ستبقى منارات العلم شامخة، وسواعد التحرير تنبش الصخر بأظفارها، وتستمد من دماءك صلابة الإرادة والعزم على مواصلة الطريق نحو القدس وكل فلسطين، يرونه بعيداً ونراه قريباً، فلن يذل الله من باتت عيونهم تترصد العدو، وتذود عن ترابها المقدس، وعرضها الطاهر، فلا نامت أعين الجبناء. 

البث المباشر