قائمة الموقع

امتيازات مسؤلي السلطة خارج حسابات التقشف

2020-04-30T15:22:00+03:00
عباس واشتية
الرسالة – أحمد أبو قمر

في الوقت الذي تدعي السلطة الفلسطينية معاناتها من ضائقة مالية كبيرة، أوصلتهم لدرجة عجزهم عن تأمين مراكز الحجر الصحي لبضع مئات من العائدين للضفة، يُعدّل رئيس السلطة محمود عباس قانونا يسمح بمنح وزراء ومسؤولين كبار مبالغ كبيرة من ميزانيتها.

القرار الذي لاقى انتقادا كبيرا من جهات قانونية وقادة مجتمع مدني، يعكس الانفصام الكبير في شخصية السلطة التي تدعي التقشف والطوارئ لمواجهة فيروس كورونا، في وقت تصرف مبالغ باهظة لمصالح شخصية بحتة.

ويأتي هذان القرار تزامنا مع قرار آخر يجبر جميع الموظفين على التبرع بجزء من رواتبهم، اضطرت حكومة إشتيّة، إلى التراجع عنه، بالإعلان أنه "لمن أراد فقط".

وتجدر الإشارة إلى أن تعديل القانون لاقى استهجانا واسعا من المؤسسات المحلية والدولية، لتتردد أنباء عن تراجع السلطة بتعديل القانون، لتبقى القضية معتمة، هل فعلا تم إلغاء تعديل القانون أم أن الامتيازات مُنِحت والتراجع اعلامي فقط؟.

مبالغ باهظة

ولو تحدثنا بلغة الأرقام عن حجم الامتيازات والأموال التي يتلقاها كبار المسؤولين وتُرهق ميزانية السلطة، فإن هناك أكثر من 1300 موظف مدني وعسكري يتلقون رواتب تفوق الـ 7 آلاف شيكل (2000 دولار أمريكي).

ومع التقاعد تنخفض الرواتب وتوفّر ما بين (25-50) % من هذه المبالغ، إلا أن تعديل القانون لبعضهم سيزيد من الرواتب المدفوعة لهم، لأنها ستتعامل مع هؤلاء المسؤولين والوزراء وكبار الدولة براتب يتزايد كل شهر.

تجدر الإشارة إلى أن الرواتب السابقة لا تشمل بدل مكافآت وسفريات وامتيازات واقامات لهم، وهو ما يعطي بعضا من هؤلاء المسؤولين مبلغا اضافيا يصل لنصف راتبهم.

ووفق إحصائية سابقة، فإن متوسط الرواتب التي يتلقاها الفئات العليا والمكافآت والامتيازات تتعدى الـ 31 مليون دولار شهريا، أي أكثر من 370 مليون دولار سنويا.

ولم يتم الإفصاح مسبقا عن حجم المكافآت التي يتلقاها كل وزير أو مسؤول، في وقت تتحدث فيه تقارير عن أن متوسط المبلغ الشهري يتعدى الـ 10 آلاف دولار للشخص الواحد.

ونشرت جريدة الوقائع الفلسطينية في عددها رقم (165) وتحديدا القرار بقانون رقم 4 لسنة 2020 بشأن تعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي، وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته، وقرار بقانون رقم 12 لسنة 2020 بشأن تعديل قانون التقاعد العام رقم 7 لسنة 2005 وتعديلاته.

ويقضي القانون برفع سن التقاعد لرؤساء المؤسسات والهيئات الرسمية الذين يحملون درجة وزير من ٦٠ عاما إلى ٦٥ عاما.

يعني بشرح بسيط من تنطبق عليهم هذه الصفات (من يحمل درجة وزير) سيتم تمديد عملهم ٥ سنوات أخرى عند بلوغهم ٦٠ عاما ويبقون على رأس عملهم ولا يحالون للتقاعد كباقي الموظفين.

وفي بيان لها، دعت نقابة المحامين الفلسطينيين، رئيس السلطة محمود عباس، لإلغاء القرارين المتعلقين بتعديل التقاعد ومكافآت ورواتب أعضاء التشريعي والوزراء والمحافظين.

وقالت النقابة إن القرارين شكلا صدمة مجتمعية لتناقضهما الجسيم مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وفيهما خرق لأبسط قواعد الصياغة التشريعية السليمة، ويُحمّلان الموازنة أعباء مالية إضافية.

في حين، دعت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، رئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومته محمد اشتيه بضرورة التدخل لوقف هذين القرارين بقانون، واخضاعهما للمزيد من الدراسة والمشاورات مع جميع الأطراف ذات العلاقة.

وقالت الهيئة: "انطلاقا من الدور المسند إلى الهيئة في القانون الأساسي المعدل، وفي المرسوم الرئاسي رقم (59) لسنة 1994 في حماية وتعزيز منظومة حقوق الإنسان في فلسطين، فإنها ترى أن هذين القرارين بقانون، بما يتضمناه من منح امتيازات مالية (وغير مالية) إضافية لفئة من كبار موظفي الدولة، تحديدا من هم بدرجة وزير من رؤساء الهيئات والمؤسسات العامة ومن في حكمهم، من شأنها تحميل الموازنة مزيدا من الأعباء".

وأكدت الهيئة أن القرارين يمسّان بالوضع المالي لهيئة التقاعد الفلسطينية، في الوقت الذي تعاني فيه الموازنة العامة أزمة مالية خانقة وعجزا خطيرا نتيجة لإجراءات القرصنة (الإسرائيلية) وأيضا نتيجة للآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا.

وأشارت إلى أن تمرير هذين القرارين بقانون دون مشاورات مجتمعية مع الأطراف ذات العلاقة، وتوقيت صدورهما في ظل الحاجة إلى مزيد من التقشف وتخفيض النفقات وتعزيز قيم التكافل وتحمل أعباء المرحلة بشكل عادل، من شأنه زعزعة الثقة بالتوجهات والجهود الرسمية الداعية التعاضد وحشد الدعم من القطاع الخاص والعام ومن المواطنين لمواجهة الآثار الاقتصادية للجائحة.

وحذرت الهيئة من أن صدور هذين القرارين في ظل وجود فئات واسعة من الموظفين العموميين تعاني شظف العيش، والشكوك حول قدرة السلطة على الالتزام برواتب موظفيها، والقرصنة (الإسرائيلية) لتحويلات الضرائب وانخفاض الجباية المحلية، وتوقع تداعيات قرارات الضم والتوسع، سيلحق الضرر بتلاحم المجتمع وقدرته على الصمود والمواجهة.

اخبار ذات صلة