ينظر الإعلام الإسرائيلي، إجمالا، بعين الرضا، عن مسلسلات تبثها فضائيات عربية في شهر رمضان 2020، لاسيما وأن أحدها “يغازل اليهود” وآخر يبدي “الضيق” من الاستمرار في دعم الفلسطينيين.
ولم يكن لافتا بالنسبة للإعلام في تل أبيب أن يتنبأ مسلسل عربي بزوال إسرائيل، بقدر ما كان مثيرا للدهشة أن يدعو مسلسلان تعرضهما فضائية “أم بي سي” (MBC) علنا إلى التطبيع.
قناة “كان” الرسمية تطرقت بالتفصيل إلى المسلسلات التي تناولت إسرائيل خلال هذا العام في تحليل لـ “روعي كايس” معلق الشؤون العربية بالقناة.
ورأى “كايس” أن “مسلسلات رمضان الحالي تقسم العالم العربي، أكثر من أي وقت مضى”.
”أم هارون”
المسلسل الكويتي الذي تبثه “إم بي سي”، يركز على الحياة اليهودية في الخليج قبل قيام دولة إسرائيل، ويحاول تصوير الانسجام المجتمعي بين المسلمين واليهود قبل عام 1948، والذي يحدث في أوجه زواج بين فتاة يهودية من شاب مسلم.
ومن وجهة نظر الكثيريين في العالم العربي، يمثل “أم هارون” الذي “يغازل اليهود” سقوط حجر آخر في الجدار الذي يفصل الخليج عن التطبيع مع إسرائيل.
لكن السعي الخليجي للتطبيع، كثيرا ما انتقُد في السابق لاسيما على مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن أهم ما يميز “أم هارون” هو “التغير في الموقف من يهود الخليج”.
“يدرك الزعماء في الدول السنية أن إبداء التسامح مع أبناء الديانات الأخرى يمنحهم رصيدا إضافيا لدى الغرب والولايات المتحدة، ويبعد دولهم عن الصورة المتشددة التي تلتصق بها”، وفق القناة الإسرائيلية الرسمية.
من جانبه، اعتبر الدكتور يارون فريدمان معلق الشؤون العربية بصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن مسلسل “أم هارون” ينقل رسالة سياسية مفادها أن “دول الخليج تمهد الطريق للتطبيع مع إسرائيل”.
وقال فريدمان في مقال نشرته الصحيفة، الجمعة الثانية من رمضان 2020:”لا شك أن مسلسل أم هارون يشير إلى التغيير الحادث في السعودية والخليج خلال السنوات الأخيرة”.
واعتبر أن “شرعية ظهور ممثلين عرب يجسدون اليهود بشكل موضوعي، يتحدثون العبرية ويظهرون اليهود كمضطهدين في العالم العربي هي تعبير عن التغير في الوعي لدى بعض الدول العربية”.
”مخرج 7″
يتناول المسلسل الذي تبثه أيضا “إم بي سي” من خلال حلقات منفصلة قضايا اجتماعية، إلا أن الحلقة الثالثة منه كانت بمثابة مفاجأة، إذ دعت وبشكل علني للتطبيع وتعزيز التعاون التجاري مع الإسرائيليين، مع قلب الطاولة على الفلسطينيين.
ويلعب دور البطولة في المسلسل الفنان الكوميدي السعودي ناصر القصبي.
وتطرقت الحلقة المذكورة إلى العلاقات مع إسرائيل من خلال ردود الفعل داخل عائلة سعودية اكتشفت أن أحد أطفالها (زياد) يقوم باللعب مع طفل إسرائيلي (عزرا) عبر الإنترنت.
وتلخص مشاهد جمعت القصبي (والد زياد) بالفنان راشد الشمراني الرسالة التي أراد المسلسل نقلها، ظهر في أحدها الأخير قائلاً “إسرائيل بشر مثلك.. إسرائيل موجودة سواء أعجبكم ذلك أم لم يعجبكم”.
وأضاف الشمراني:”ما ضيع العرب طوال هذه السنين إلا القضية الفلسطينية، والنتيجة كلام وجعجعة بلا نتيجة”.
ويتساءل معلق قناة “كان” الإسرائيلية :”هل سئم السعوديون من تمويل الفلسطينيين؟”.
ويضيف :”خلال السنوات الأخيرة ظهر تيار في السعودية وإن كان لا يعبر عن المجتمع ككل- يهاجم الفلسطينيين لنكرانهم الجميل حول موقفهم من المملكة ومساعداتها”.
عداوة إسرائيل تتحول لإيران
أما “يارون فريدمان” فعلق على ما ورد في “مخرج 7″ قائلاً :”نشأ في البلدان النفطية جيل شاب لم يشهد حروب العرب ضد إسرائيل ولا يرى في إسرائيل البعيدة عدواً على الإطلاق”.
واعتبر أن العدو الحقيقي بالنسبة للكثير من الشباب السعودي هي إيران التي تمثل تهديدا قريبا وآنيا، والتي تزود المتمردين الحوثيين في اليمن بالصواريخ لإطلاقها تجاه السعودية.
والإثنين (رابع أيام رمضان)، أثنت القناة (12) الإسرائيلية الخاصة في تقرير لها على “مخرج 7” قائلة “هذه المرة الأولى التي يتحدثون فيها علانية في السعودية عن أن إسرائيل ليست عدوًا”.
واعتبرت القناة آنذاك أن الحديث يدور عن “تغير جوهري، يتجاوز حتى عتبة التطبيع ويدعو إلى تعزيز السلام والعلاقات الدافئة بين مواطني الدولتين (إسرائيل والسعودية)”.
“النهاية”
احتجت إسرائيل رسمياً عبر وزارة خارجيتها، الإثنين على مسلسل “النهاية” المصري بطولة الفنان يوسف الشريف والذي يتوقع زوالها في معركة “تحرير القدس”.
وينقل المسلسل الذي تبثه قناة ON TV المصرية الخاصة مشهدا يظهر فيه أطفالا في فصل مدرسي في العام 2120 ويكون موضوع الدرس “الحرب لتحرير القدس”، ويخبر المعلم تلاميذه أن الحرب انتهت بسرعة، وأدت إلى “تدمير دولة إسرائيل الصهيونية”.
ويضيف المعلم أن معظم اليهود عادوا إثر ذلك إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا.
وتعلق قناة “كان” على المشهد بالقول :”يعلم الجميع أن العلاقات بين إسرائيل ومصر توطدت على الساحة الأمنية والعسكرية والاستخبارية في عهد (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي الذي أنهى حكم الإخوان المسلمين”.
وتستدرك على لسان “كايس”:لكن المشهد المذكور هو بلا شك إشارة تحذير من أن الأمور تسير على المستوى الأعلى على ما يرام، لكن الوضع على المستوى الشعبي ليس جيدا”.
لكن لعل الحديث هنا عن مشهد واحد وليس عن مسلسل كامل تم تخصيصه لـ “التحريض على إسرائيل، مثل “فرقة ناجي عطا الله” بطولة الفنان عادل إمام والذي تم عرضه في رمضان 2012، يتابع “كايس”.
“جاكي حوجي” معلق الشؤون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي (غالي تساهل)، اعتبر في مقال نشرته صحيفة “معاريف” العبرية، الجمعة الماضية، أن “النهاية” هو “نموذج صغير ورمزي لنمط العلاقة الملتوي بين القاهرة وتل أبيب”.
وقال إنه حتى في ظل أسوأ الأزمات بين تل أبيب والقاهرة لم يظهر مسلسل مصري يعرض “دراما النهاية”، في إشارة لزوال إسرائيل.
واستغرب السماح بعرض مثل هذا العمل الدرامي، رغم توطد العلاقات خلال السنوات الأخيرة بين إسرائيل ونظام االسيسي لاسيما في المجال الأمني، على حد قوله.
وتابع “تبنى نظام السيسي سياسة اتصال عملية ومجدية، وامتنع عن التطرق بسلبية لإسرائيل”، مضيفا “احتضنت إسرائيل هذا التغير ومنذ سنوات لم تخرج من هنا كلمة سيئة حول القاهرة. بل على العكس يكثر مسؤولون إسرائيليون منذ سنوات من الثناء على النظام المصري”.
انقسام العرب
يقول “كايس” إن مسلسلات رمضان2020 تعكس انقسام العالم العربي فيما يتعلق بإسرائيل إلى 3 معسكرات الأول يتمثل فيما يسمى بـ “محور المقاومة”، الذي يواصل “تحريضه ضد إسرائيل”، في إشارة لمسلسل “حارس القدس” الذي تعرضه حالياً قناة الميادين المقربة من “حزب الله” اللبناني.
والثاني، وفق تصنيف قناة “كان” الإسرائيلية، فهو المعسكر المؤيد لدول خليجية. والذي يسعى إلى التطبيع عبر إبداء مواقف إيجابية تجاه إسرائيل واليهود وهو ما يكشفه “أم هارون” و”مخرج 7″.
هناك أيضاً المعسكر المصري (الثالث) وما يدور في فلكه، ويعكس موقفه من إسرائيل مسلسل “النهاية”، الذي يتنبأ بنهاية إسرائيل وتحرير القدس، وهو معسكر مهتم بالسلام مع إسرائيل باسم المصالح فقط.-(الأناضول)