قائمة الموقع

مقال: هل تكسر المفاوضات عنق "اسرائيل"؟

2020-05-08T22:11:00+03:00
صورة "أرشيفية"
بقلم: خالد النجار

لا تزال المفاوضات غير المباشرة التي تدور بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في بداية مراحلها التي تشهد تعقيداً كحال أي مفاوضات تُعقد بين الاسرائيليين والفلسطينيين، فالاحتلال دوماً يسعى للخروج من المعركة التفاوضية بخفي حنين محققاً ما يصبو إليه، في المقابل تعزز المقاومة سعيها الدؤوب لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني وتبييض سجون الاحتلال من المعتقلين الفلسطينيين والعرب، كحق شرعي لا يمكن الحصول عليه إلا بالقوة، وإن كانت هذه المرة من خلال مفاوضات غير مباشرة، فالتفاوض المندفع أمام عجلة القوة التي تمتلكها المقاومة لم يك أقل حدة من رحى الحرب التي تدور بين طرفي الصراع.

المعركة التفاوضية عادة ما تمر بالعديد من التعقيدات، سيما تلك المفاوضات المنعقدة الآن والرامية لإجراء صفقة تبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ومن أبرز تلك التعقيدات هو فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية في الكشف عن مصير الجنود الأسرى المختطفين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، وفشل الاحتلال في التمسك براويته التي حاول خلالها تضليل عوائل الجنود الأسرى في العديد من الخطابات والمؤتمرات التي ركز خلالها رئيس وزراء دولة الاحتلال "بنيامين نتانياهو" على عدم رغبة حكومته في تنفيذ أي صفقة تبادل أسرى، وأنها ستعيد الجنود المختطفين بأي ثمن كان.

الاحتلال يدرك تماماً أن المعركة التفاوضية أمام المقاومة تختلف تماماً عن سياق المفاوضات التي عقدت مراراً وتكراراً بين فريق مفاوضات منظمة التحرير وفريق المفاوضات الاسرائيليين، فالحسابات الضيقة والمحدودة لا يمكن أن توازي بقوتها أي حسابات وطنية تهدف لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال، فالتفاوض لأجل التفاوض لا يمكن قياسه البته بالتفاوض من أجل مواصلة المسير نحو التحرير، وإطلاق سراح المعتقلين، وانتزاع الحقوق الفلسطينية التي يغتصبها الاحتلال عنوةً وسط حالة الغياب التام للمجتمع الدولي واستبعاده لأهم ملفات القضية الفلسطينية، بما فيها قضية الأسرى في سجون الاحتلال، وسياسات التنكيل التي يتعرض لها المعتقلين جراء قمع قوات الاحتلال لهم، ومصادرة مستلزماتهم وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية، ومنع الغذاء والدواء وما يلزم من سبل الوقاية التي يجب أن تُتبع في ظل مهددات جائحة كورونا العالمية،  وفي ظلال التنسيق الأمني الفلسطيني الاسرائيلي الذي يُعد رافعة للاحتلال في مواصلة قمع وكسر عنق المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

المفاوضات مع بداياتها وفي ظل التحديات والمخاطر التي تواجهها، سيما أن "نتانياهو" قد خاض هذه التجربة وقد فشل في إرغام المقاومة على قبول شروط الاحتلال لأجل تمرير الصفقة، فهو يدرك تماماً أن جنوده لن يعودوا إلى أحضان عوائلهم إلا بالثمن الذي يحقق ذلك، وهو إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون الاحتلال.

رغم ذلك ما زالت التحديات تشكل خطراً على نجاح هذه الصفقة، فجائحة كورونا التي حملت في ثناياها مبادرة قائد حركة حماس في غزة "يحيى السنوار" قد تكون عائقاً أمام تنفيذ الصفقة مع تفشي الوباء بين الإسرائيليين وفقدان الاحتلال السيطرة التامة على مقاومة الوباء، كذلك الضغوط الداخلية التي يتعرض لها "نتانياهو" وعدم السماح له بالإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، حيث يسلط الإعلام الاسرائيلي الضوء على بعض الأسرى الفلسطينيين الذين أُطلق سراحهم في صفقة وفاء الأحرار عام 2011 متهماً إياهم على حد قولهم بالتخطيط لعمليات فدائية تستهدف جنود إسرائيليين وتمس بأمن "إسرائيل" بشكل مباشر، وأن النماذج كثيرة في هذا السياق، وأن المعتقلين الفلسطينيون يمارسون دورهم في مقاومة "إسرائيل"، وأن الفرصة ستكون موائمة لهم بمواصلة مقاومتهم وتنفيذ هجمات ضد دولة الاحتلال.

كذلك من بين التحديات تمسك المقاومة بشروطها كاملةً رغم تنازلها المبدئي، والذي يُعد مدخلا قويا لإجراء التفاوض وتحقيق تقدم ملموس فيه، باعتبار أن أي صفقة لتبادل الأسرى يجب أن تضمن إطلاق سراح آلاف الأسرى الأمنيين والمحكوم عليهم بالسجن مدى الحياة وأصحاب المؤبدات، والنساء والأطفال.

التحديات قد لا تعيق نجاح المفاوضات، وإن كانت تشكل خطراً في الوصول إلى التوقيع على صفقة التبادل، إلا أن المرونة في التفاوض قد تشكل تحولاً ومنعطفاً نحو الإعلان عن صفقة التبادل.

اخبار ذات صلة