يصعد الجانبين الاميركي والإسرائيلي من الوعود الاجراءات المتسارعة لتنفيذ مخطط ضم الضفة الغربية والأغوار إلى دولة الاحتلال، في الوقت الذي تواجه السلطة تلك المخططات بالتصريحات الاعلامية وبيانات الشجب والاستنكار والتهديد بتشكيل لجان دراسة سبل الرد.
وفي الحقيقة كل التصريحات والجعجعة هي لزوم (الشو الإعلامي)، لأن السلطة قبلت ضمنياً بالضم عبر صمتها وقبولها بالأمر الواقع ورفضها فتح مواجهة مع الاحتلال.
الحقيقة كل التصريحات والجعجعة هي لزوم (الشو الإعلامي)، لأن السلطة قبلت ضمنياً بالضم عبر صمتها وقبولها بالأمر الواقع ورفضها فتح مواجهة مع الاحتلال
صمت السلطة الذي شكل حالة إحباط لدى الجمهور الفلسطيني ليس جديد فهي ذاتها التي تعهدت بإسقاط صفقة القرن واعلان القدس عاصمة للاحتلال وأخيرا ضم الضفة، فيما كل تلك المخططات مرت دون أن تحدث أي تغيير للواقع الميداني في الضفة أو تسمح بإطلاق رصاصة واحدة تجاه الاحتلال.
ويمكن التفصيل بالأسباب التي تجعل السلطة تصمت على مخطط ضم الضفة:
أولاً: تتعامل السلطة الفلسطينية مع عملية الضم التي يجري الاستعداد للإعلان عنها اسرائيليا على أنها أمر واقع موجود ويجب التعاطي معه بواقعية، على اعتبار أن الاحتلال يتحكم أصلا منذ سنوات بالضفة الغربية ويسيطر على 60% من أراضيها عبر الاستيطان وما يتم الحديث عنه هو الاعلان فقط، بمعني أن الأمر الواقع الذي تعاملت معه لسنوات سيستمر.
ثانياً: تتجنب السلطة في كل قرار تتخذه الابتعاد عن فتح مواجهة مع الاحتلال، خاصة انها تدرك ان ثمن المواجهة لا تستطيع تحمله وقد يؤدي إلى إنهاء وجودها وهو أمر غير مقبول بالمطلق لديها رغم كل التهديدات السابقة بحل السلطة وغيرها.
فعلى العكس تحاول السلطة في وقت الأزمات إعطاء رسائل طمأنة للاحتلال بانها لن تسمح بتغيير الوضع القائم، وضمان استمرار التعاون وهو ما جرى خلال الأيام الماضية حينما منح الاحتلال السلطة قرض بقيمة 800 مليون شيكل.
وكشفت القناة 13 العبرية أن القرض جاء بعد لقاء بين مدير الشاباك والرئيس عباس لمنح السلطة قرض ستسدد قيمته من عائدات الضرائب الفلسطينية، مقابل شروط وضعها الاحتلال وهي إغلاق حسابات الأسرى والشهداء ومنع وصول الأموال إليهم، وأن تتعهد السلطة بمنع نشوب انتفاضة عند ضم المستوطنات.
ثالثاً: ترفض السلطة أن تتخلى عن الامتيازات الكبيرة التي تحصل عليها قياداتها والتي تمنحهم تسهيلات كبيرة لا يتمتع بها المواطن العادي مثل بطاقات vip التي تسهل حركتهم وتنقلهم إلى جانب أن جزء كبير منهم تحول إلى تجار ورجال أعمال ارتبطت اعمالهم بجانب الاحتلال ربما أكثر من الجانب الفلسطيني نفسه.
ويؤكد ذلك توقعات الجنرال أمير أفيفي رئيس حركة الأمنيين في خدمة "إسرائيل" في مقاله له بصحيفة إسرائيل اليوم، ترجمته "عربي21 أنه "بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فإن تحويل القانون السائد على الإسرائيليين في الضفة الغربية من العسكري إلى المدني، لن يغير شيئا على الواقع الفلسطيني، بل إن السلطة الفلسطينية ستواصل التعاون مع إسرائيل، انطلاقا من مصالحها الحياتية المعيشية".
رابعاً: الصمت نتيجة طبيعية على عقم المشروع السياسي للسلطة ورئيسها محمود عباس الذي يرفض أن يتزحزح عن مشروع المفاوضات والتسوية التي انتهى وتجاوزته إسرائيل منذ العام 2000 ما يعكس استمرار السلطة في العبث بالحالة السياسية الفلسطينية وضربها لعرض حالة الاجماع الوطني، والمطالبات الفصائلية بخصوص قطع العلاقة مع الاحتلال.
ويتضح إصرارها عبر موافقتها على المشروع العربي الذي يقترح العودة الى مفاوضات بمرجعية دولية متعددة، في اجتماع عقد على مستوى وزاري عبر تقنية "الكونفرنس".
خامساً: المواجهة تتطلب من السلطة اتخاذ خطوات كبيرة على صعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والقبول بالمصالحة الفلسطينية والالتزام بالإجماع الوطني حول الغاء أوسلو وإلغاء الاتفاقيات والتعهدات الموقعة ووقف التنسيق الأمني وهو أمر مرفوض بالمطلق بالنسبة لها.