في الرابع عشر من مايو العام الماضي، ومع البدء في الإجراءات العملية لنقل سفارة واشنطن إلى القدس، كانت غزة على قدر من المواجهة الدموية على حدودها الشرقية، بينما كانت الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة تستدعى العشرات من النشطاء لمراكز الأمن تحذرهم من الخروج في مسيرات على نقاط التماس.
منذ ذلك الوقت بقيت نقاط التماس آمنة، كما العادة بفضل الجهود الأمنية التي توقفت مؤخرا ليلة الإعلان عن الضم، بحسب القرارات المعلنة لقيادة السلطة.
لكن هل توقف التنسيق الأمني فعلا؟ وهل السلطة جادة في إجراءاتها بمواجهة الضم؟
لم يحظ تهديد رئيس السلطة بموثوقية لدى الفلسطينيين، استنادا لعديد المواقف ليس آخرها نقل السفارة، لكنّ السؤال الذي بقي قائمًا، ما حقيقة توقف التنسيق الأمني بين الطرفين؟
السلطة الفلسطينية وبحسب مصادر خاصة بـ"الرسالة" تواصلت بشكل مباشر مع التجار والمقاولين ورجال الأعمال، تخبرهم بعدم التواصل مع المنسقين الإسرائيليين ترجمة لقرارات وقف التنسيق.
لكنّ السؤال الذي طرح مباشرة، وهل توقفت بطاقات vip ليتوقف التنسيق المدني مع سلطات الاحتلال حتى بما في ذلك المرضى، وبقيت الإجابة معلقة بعدما اكتفى مسئول في هيئة الشئون المدنية بالقول: ان الاتصالات يجب ان تتوقف من الجميع.
ويمكن رصد مجموعة من الدلائل والمؤشرات التي تشير الى عدم التوقف الفعلي للتنسيق باستثناء مظهر سحب القوات من منطقتي بي و سي، أبرزها استمرار بطاقات vip، يضاف لها السماح بشكل مباشر للتواصل بين المنسقين والتجار والمزارعين في محاولة لإيجاد بديل عن التنسيق المدني.
ورغم تحديد موعد الإعلان عن بدء الضم، الا أن الحراك الميداني والجماهيري والشعبي لا يزال عند نقطة صفر.
ولم تظهر ارهاصات التحرك الشعبي على الأقل لدى لجنة التنسيق الفصائلية، التي اشتكى ممثلها أكثر من مرة أن قرارات التنسيق بين القطاع والضفة لا تجد طريقها للتنفيذ.
ممثل القوى الوطنية والإسلامية في الضفة واصل أبو يوسف، قال أنه في آخر محطة تمثلت في الإعلان عن صفقة القرن، لم تجد أي من التوصيات طريقها للتنفيذ ومرّت دون تنفيذ.
كما أنّ هيئة التنسيق الفصائلي أكدّت في القطاع انه جرى التواصل مع نظيرتها في الضفة للخروج ببرنامج جماهيري مشترك لحظة الإعلان عن الصفقة، لإجراء فعاليات مشتركة.
وتبعا لمسؤولين في الحراك الشعبي بالضفة، فإن تجربة نجاح المقاومة الشعبية قائمة على مبادرات فردية وجماعية بعيدة عن دور المتابعة.
في المقابل، لم تفلح القوى الفلسطينية في اشراك فتح بتشكيل ما سُمّيت "اللجنة الوطنية العليا لمواجهة صفقة القرن"، والتي كان قد أُعلن بدء العمل على تشكيلها في مؤتمر شعبي عقدته الفصائل في غزة بعيد إعلان الصفقة.
وتعزو الجهات الفصائلية غياب دور المتابعة بالضفة، لوجود قرار من السلطة بتغييب الفعل الشعبي في المواجهة، وضبط ايقاعها بما ينسجم مع توجهات السلطة القاضية بمنع أي احتكاك في مناطق التماس.
ومن المقرر أن تعلن قيادة السلطة خلال الساعات القادمة عن مجموعة جديدة من القرارات حول ما تسميه المواجهة.
النائب في المجلس التشريعي نايف الرجوب، أكدّ أن السلطة وقراراتها ستخضع للاختبار في الأيام القادمة.
وذكر الرجوب أنه إجراءات السلطة موضع شك حقيقي في ضوء التجارب الماضية، وهو ما يحتاج لإثباته على أرض الواقع.
وتطابق حديث الرجوب مع تصريحات للنائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة الذي قال إن وقف التنسيق تم فقط لفظيا ويحتاج لترجمته عمليا ابتداء بسحب بطاقات (في أي بي).
وسبقه رئيس المجلس التشريعي د. عزيز دويك الذي قال ان عشرات القرارات اتخذت على مدار السنوات الماضية، واطلقت المئات من التهديدات دون وجود أي فعل حقيقي تحديدا من الرئيس عباس.