الاسئلة الهامة التي يجب ان تراعيها أي دراسة للسيناريوهات المتوقعة حول مستقبل قطاع غزة هي: هل من الوارد ان يكتفي الاحتلال بمراقبة غزة تتوسع ديمغرافيا وعسكريا وتنكمش اقتصاديا واجتماعيا دون أي خطط او توجهات؟ وهل من الوارد ان تسلم المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة حماس والشعب الفلسطيني بقطاع غزة عموما بمعادلة الحصار كأمر واقع لا فكاك منه؟
اذا كانت الاجابة بالنفي فما هي السيناريوهات المتوقعة لمستقبل قطاع غزة؟
هناك عدة سيناريوهات، الاول هو تدويل غزة وجلب قوات دولية الى القطاع برعاية الامم المتحدة يكون من مهامها إلى جانب ضبط الأمن وخلق حالة من الاستقرار الاقتصادي، محاولة إلزام حركة حماس والقوى الفلسطينية الأخرى في القطاع بعدم خرق الهدنة مع دولة الاحتلال وعدم تهديد أمنه، او القيام بإجراء تجارب عسكرية والتوقف عن عمليات تطوير الأسلحة وحفر الأنفاق وبناء المواقع العسكرية، والسيناريو الثاني هو تمدد غزة نحو سيناء، ويعتبر هذا المشروع قديما جديدا فهو مطروح منذ خمسينيات القرن الماضي لكنه لم يكن مقبولا من الطرف الفلسطيني، ولا شك ان مشروع غزة/سيناء حاضر بقوة في العقل والفعل الصهيونيين، فسياسة (إسرائيل) في السنوات الأخيرة تدفع غزة تدريجياً نحو سيناء معتقدة أنه سيكون حلا مناسبا للأزمات التي يعاني منها القطاع المنفجر سكانياً والذي سيحتاج مع مرور السنوات إلى التوسع والتمدد الجغرافي، خاصة في ظل الترابط الجغرافي والسياسي بين غزة وسيناء.
ويرتبط بهذا السيناريو بشكل او باخر العمل على اعادة قطاع غزة للسيادة المصرية بينما ما تبقى من الضفة الغربية يخضع للسيادة الأردنية، فيما تخضع القدس لإشراف دولي أو إيجاد تفاهمات خاصة حول الحرم الشريف فيها.
ويمكن القول إن (إسرائيل) ترى في هذا السيناريو أفضل الحلول المطروحة فهو يريحها من تحمل تبعاتها كدولة احتلال، كما ان قادتها يرددون باستمرار أن الأرض الفلسطينية هي الأردن.
اما السيناريو الثالث وهو الاكثر ترجيحا فهو انفجار شعبي عارم في قطاع غزة تجاه الاحتلال على تخوم الاراضي الفلسطينية عام 48 وبالقرب من السياج الفاصل مع الاحتلال شرق قطاع غزة وقد يعقب هذا السيناريو احد احتمالين، الاول تقديم الاحتلال والمجتمع الدولي مبادرات جدية تكسر الحصار عن غزة وتؤدي الى ازدهار اقتصادي فيها مقابل هدنة بين الاحتلال والمقاومة قد تصل لخمس سنوات او اكثر مع احتفاظ المقاومة بسلاحها، وفي حال لم تصل الاطراف الى تفاهمات تحقق مصالح متبادلة فان الاحتمال الثاني يبقى مرجحا وهو نشوب مواجهة عسكرية رابعة في قطاع غزة لا احد يمكنه توقع نتائجها وتداعياتها محليا واقليميا ودوليا.
تنويه: هذه المقالة عبارة عن ملخص ورقة قدمتها في احد الملتقيات الفكرية/السياسية قبل اكثر من عام بعنوان السيناريوهات المتوقعة تجاه احتمالات الدولة والتدويل بقطاع غزة واذكر ان احد المشاركين طرح علي سؤالا استنكاريا بعدم شمول السيناريوهات تحقيق المصالحة الفلسطينية فأجبته قائلا: ان السياسة لا تعرف الامنيات يا صديقي...