الاحتلال ينتهك مقبرة الإسعاف ليقيم مأوى للمشردين

الرسالة نت – مها شهوان

لا تزال المواجهات والوقفات الاحتجاجية في مدينة يافا مستمرة، وذلك بفعل ممارسات الاحتلال التي تجاوزت حدود الإنسانية، حيث جرف جنوده مقبرة الإسعاف الإسلامية، فلم يصمت الشباب فأحرقوا حاويات نفايات وأغلقوا شارعا رئيسا في المدينة أمام حركة السير وأطلقوا الألعاب النارية.

وقابلت شرطة الاحتلال ردة فعل الشباب بمزيد من الاستفزازات، فأغلقت شارع "ييفت" الرئيسي وعددا من الشوارع الأخرى، ونشرت قوات حرس الحدود في الأحياء الرئيسية وفي الأزقة.

بداية الأزمة بدأت حين دمرت بلدية (تل أبيب) مقبرة الإسعاف ونبشت عظام موتى المسلمين لإقامة مشروع إسكاني للمشردين على أرض المقبرة.

وعلى وقع الاحتجاجات والرباط بالقرب من المقبرة المتاخمة لمسجد حسن بيك، اضطرت بلدية (تل أبيب) للتراجع عن تجريف وتدمير المقبرة بعد نبش عشرات القبور، علما أن تاريخ المقبرة يعود للحقبة العثمانية الحديثة، في حين تصر الهيئة الإسلامية العربية في يافا على إلغاء المشروع الإسكاني وتحويل أرض المقبرة إلى صلاحيات المجلس الإسلامي.

واستغلت سلطات الاحتلال قانون "أملاك الغائبين" لتسيطر على المقبرة ومساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، في أراضي الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.

يقول محمد دريعي رئيس الهيئة الإسلامية المنتخبة في يافا: "إن ما يجري في مقبرة الإسعاف لا يتصوره عقل، فقد تم إحضار قوات كبيرة من شرطة الاحتلال من كبار الضباط والعديد من الوحدات الخاصة منها وحدة اليسام القمعية ترافقها معدات ثقيلة وحاصرت المحتجين".

وأكد دريعي أن تجريف المقبرة يهدف للمس بالتاريخ وتحريفه ليتوافق مع الحاضر دون احترام لهوية الفلسطينيين، مضيفا: "إن ما يجري هو مسح لهوية شعب، وتمدد للعنصرية والجريمة (الإسرائيلية) بإدارة البلدية".

وكانت الهيئة الإسلامية المنتخبة في يافا اكتشفت جريمة نبش القبور والتخلص من عظام الأموات التي اقترفتها بلدية الاحتلال وسلطة الآثار، بالتزامن مع نية البلدية بإنشاء بيت للمشردين اليهود على حساب القبور الموجودة هناك.

وسعت الهيئة الإسلامية في يافا بكل ما تملك من جهد لإيقاف هذه الجريمة بكل ما اتيح لها من أدوات قانونية وجماهيرية.

وعن اهتمام الهيئة الإسلامية بالمقبرة، ذكرت عبر صفحتها أن هناك فتوى شرعية أصدرها مفتي الديار المقدسة الشيخ عكرمة صبري، تحرم المساس بالمقبرة، دفاعا عن هوية فلسطين الإسلامية والعربية، بالإضافة إلى أن الاستسلام لنبش قبور الاسعاف هي مقدمة لنبش القبور في طاسو.

وعن الخطوات التي تسلكها الهيئة لمنع البلدية وسلطة الاثار من عدوانها، أكدت على التصدي القانوني والميداني لأعمال البلدية، وتوعية المجتمع بخطورة الموقف، وكذلك نشر القضية على أوسع نطاق متاح.

يذكر أنه بعد النكبة سيطر الاحتلال على أغلبية الأوقاف الإسلامية ووضعت تحت رعاية مكتب رسمي تابع لها، بما يسمى بسلطة أراضي (إسرائيل)، وبعدها حرم الفلسطينيون المسلمون من استعادة هذه الأوقاف، ولاسيما التي وجدت داخل مساحة المدن الفلسطينية الكبرى.

وتعد مدينة يافا واحدة من تلك المدن التي خسر أهلها هذه الأوقاف وحلت مكان إدارة الأوقاف الفلسطينية، لجنة أمناء مكونة من أهالي البلدة، والذين لم يكن بمقدرتهم أن يحاربوا لاسترجاع هذه الأوقاف، بسبب شراسة الاحتلال، حتى نظم أهالي يافا أنفسهم من جديد قبل بضع سنوات وأسسوا الهيئة الإسلامية المنتخبة والتي يتم انتخابها كل ثلاث سنوات من قبل الأهالي المسلمين.

وفي هذا السياق، أعلنت لجنة الدفاع عن مقبرة الإسعاف، أنها اتخذت سلسلة من القرارات للتعبير عن رفض أهالي يافا لأعمال التدنيس والاعتداءات على المقبرة، منها "مقاطعة كاملة لأي تعامل مع البلدية وأذرعها ولأي تعامل مع الشرطة.

وأضافت اللجنة في بيان صدر عنها عقب المظاهرة، أنها ستعمل على "استئناف التحركات القضائية" لإفشال مخطط البلدية المتعلق بنبش وتجريف المقبرة، وإقامة خيمة اعتصام بجوار مقبرة الإسعاف.

كما قررت اللجنة إقامة صلوات العشاء يوميا في محيط المقبرة، مشددة على ضرورة "استمرار التواجد في محيطها بدون انقطاع ما دامت الأعمال مستمرة فيها.

يذكر أن بلدية تل أبيب دشنت في مدينة يافا، 45 حديقة للكلاب بمساحة إجمالية تفوق عشرة دونمات، ومع هذا فإن البلدية تأبى إلا أن تقيم مبناها الذي سيخدم اليهود بطبيعة الحال والمكان على مقبرة إسلامية لها قدسية.

البث المباشر