قائد الطوفان قائد الطوفان

هل يسمح عباس باندلاع انتفاضة جديدة؟

الرسالة نت - محمود فودة

تتسارع خطى الاحتلال (الإسرائيلي) نحو الإعلان عن ضم مناطق بالضفة الغربية، في حين لا تزال سلطة حركة فتح تتخبط في تحضيراتها لمواجهة القرار، فيما تتردد الأحاديث حول إمكانية سماح السلطة باندلاع انتفاضة جديدة.

ومن هذه الأحاديث ما جاء على لسان نبيل شعث المستشار السياسي لرئيس السلطة محمود عباس بقوله: "إذا أصرت (إسرائيل) على تنفيذ الضم، ستحدث انتفاضة"، وبرغم أن ما سبق يأتي في سياق التهديدات المتكررة للسلطة دون أن ينعكس على الواقع بشيء، إلا أن الحديث عن الانتفاضة يستدعي الوقوف عنده.

ويعود سبب الوقوف عند هذه النقطة، لعدة أسباب ومعطيات، تؤكد عدمية اتجاه السلطة لدعم انتفاضة شعبية جديدة، تضع حدا لتغول الاحتلال على الحقوق الفلسطينية، أهمها أن السلطة تحارب كل ما يتعلق بالمقاومة في الضفة وهي ساحة الاحتكاك المباشر مع الاحتلال.

تمكنت السلطة على مدار العقدين الأخيرين، من إنهاء قواعد المقاومة الشعبية والمسلحة، من خلال تفكيك الخلايا واعتقال المخططين لتنفيذ أي عملية ضد الاحتلال، بالإضافة إلى رفض أي شكل من أشكال الإيذاء للمحتل، وهذا ما تصرح به السلطة، حتى بعد الإعلان (الإسرائيلي) عن نية تنفيذ الضم.

وهو ما جاء على لسان حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية المختص في التواصل مع الاحتلال بانه سيجري اعتقال أي فلسطيني يحاول تنفيذ هجوم ضد الاحتلال، وحتى إن كان خارج اختصاص عمل أجهزة السلطة وسيتم الإبلاغ لمنع وقوعه.

ومن الأسباب أيضا أن اندلاع الانتفاضة يتعارض مع الدور الوظيفي للسلطة والمتمثل في الحفاظ على أمن الاحتلال، والتمسك بالمفاوضات كحل للقضية، ونبذ العمل المسلح أو المواجهات الشعبية العنيفة، وعدم السماح لحركات المقاومة بالتحرك ميدانيا لمواجهة تغول الاحتلال ومستوطنيه، وهذا ما أثبتته مئات الوقائع على مدار السنوات الماضية.

وما يدفع السلطة لعدم دعم انتفاضة جديدة، أنها سعت على مدار السنوات الماضية الظهور أمام المجتمع الدولي بثوب الضحية غير الراغب في الرد على أذى المجرم، والاكتفاء بالحراك الدبلوماسي والقانوني، فالتغير في المنهج يمثل دليلا على فشل المشروع الذي تبنته السلطة منذ 15 عاما وقتما تولى عباس رئاسة السلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير خلفا للرئيس الراحل ياسر عرفات أبو عمار.

وحتى لو أراد رئيس السلطة محمود عباس الاتجاه نحو الانتفاضة لينهي حياته السياسية البائسة بإنجاز وطني وهذا مستبعد من وجهة نظر المراقبين للشأن الفلسطيني، فإن الاحتلال استطاع بناء علاقات من تحت الطاولة مع قيادات في حركة فتح والأجهزة الأمنية، وهذا ما تؤكده كل التسريبات حول خلافات عميقة في بنية السلطة، وبالتالي يمكن للاحتلال استغلال هذه الورقة لوأد الانتفاضة حتى لو كانت بقرار من قيادة السلطة.

وكان صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قد قال: إن إقدام الاحتلال الإسرائيلي على خطوة ضم أجزاء من الضفة الغربية "سيؤدي إلى انفجار انتفاضة عارمة تغير هذا الواقع"، مضيفا "هذه الانتفاضة ستكون رداً حقيقياً وعملياً على الاحتلال".

في حين قال مسؤول أمني اسرائيلي لإذاعة جيش الاحتلال: "ان تطبيق السيادة لن يؤدي إلى انتفاضة ثالثة.. ان هذه الخطوة لا تؤذي الجمهور الفلسطيني وهو غير معني بانتفاضة جديدة".

وفي ذات السياق قدّر مسؤولون عسكريون اسرائيليون خلال حديثهم لوزير الجيش بني غانتس أن هناك فرصة ضئيلة بأن يدعو الرئيس محمود عباس إلى تصعيد أمني على الرغم من انه يعتبر الخطوة الإسرائيلية على أنها "نهاية حل الدولتين".

وفي التعقيب على ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح عبد الستار قاسم إن سلطة حركة فتح غير معنية بأي انتفاضة موجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في ظل الظروف السياسية المحلية والإقليمية، وكذلك في ظل الظروف التي تعيشها السلطة نفسها.

وأضاف قاسم أن السلطة أوصلت المجتمع في الضفة الغريبة المحتلة إلى مرحلة لا يهتم بها في قضايا كبرى واستراتيجية كالضم أو فرض السيادة (الإسرائيلية)، في ظل انشغال المواطنين في ملفات أخرى اقتصادية واجتماعية ومحلية.

وبيّن أن هناك حالة من انعدام الشعور الوطني لدى المستويين الرسمي والشعبي في الضفة، في ظل سياسات السلطة التي ذهبت بالإنجازات الوطنية إلى مهب الريح، واستمرار حالة الضعف أمام المحتل، والاستقواء على بعضنا البعض، وبالتالي فإن المراهنة على إمكانية دعم السلطة لانتفاضة جديدة، يعتبر ضربا من الخيال.

وأشار إلى أن الدخول في انتفاضة حقيقية مع المحتل بعيدا عن التصريحات والتهديدات التي تنشر للاستهلاك المحلي فقط، يحتاج إلى تغيير في بنية السلطة نفسها، وفي توجهاتها وأولويات تعاملها، وبإعادة الهيبة للكفاح المسلح والنضال الشعبي المفتوح.

البث المباشر