جاء مطلع تموز/يوليو وهو الموعد (الإسرائيلي) لتنفيذ خطة الضم على أراضٍ بالضفة الغربية، دون أن نرى أي موقف عربي على أرض الواقع يوقف تنفيذ الخطة أو يعرقلها، ما أبقى الفلسطينيين وحدهم في ساحة المواجهة.
وبدأ الرفض العربي للخطة منذ الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة، بتاريخ 10/9/2019، أعلنوا فيه رفضهم الإعلان، واعتبروه "تطورًا خطيرًا ينتهك على نحو فاضح القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصِّلة، بما فيها قرارا مجلس الأمن 242 و338، ويقوّض فرص إحراز أي تقدم في عملية السلام ونسف أسسها كاملة". وأعلن المجلس عزمه متابعة القضية، واتخاذ كافة الإجراءات والتحركات القانونية والسياسية للتصدي لسياسة الاحتلال أحادية الجانب.
وتوالت ردود الفعل العربية على مدار الأشهر الماضية، بعضها تماهى في خطابه لاستنكار الخطة كالإمارات والبحرين، فيما كانت بعض الردود العربية حاسمة ضد الخطة كموقف قطر والأردن، فيما تشير الأحاديث الإسرائيلية إلى تواطؤ عربي خفي تقوده "الدول المعتدلة" التي توصف بها السعودية ومصر والامارات والبحرين ومن دار في فلكها.
ورغم خطورة تنفيذ خطة الضم التي تئد حل الدولتين، وتنهي أمل سياسيي أوسلو بتحقيق السلام مع الاحتلال (الإسرائيلي)، إلا أن العرب ما زالوا متأخرين في قدرتهم على تشكيل قوة ضغط تحول دون تنفيذ الخطة، هذا في حال سعوا إلى ذلك.
وفي حقيقة الموقف فإن الفلسطينيين لا يعولون كثيرا على الموقف الرسمي العربي، إلا أنه قد يشكل دفعا سياسيا ضمن الجبهة الرافضة للخطة، كمحاولة لإبقاء المحتل وحيدا على الساحة السياسية والدولية، وعدم توفير غطاء لمخططاته الاحتلالية.
وفي التعقيب على ذلك، قال البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح: إن الموقف العربي الرسمي لم يعد ذا قيمة في ظل عدم انعكاسه على الواقع، فالتطبيع على أشده بين عديد الدول العربية مع الاحتلال، والعلاقات التجارية والأمنية ومؤخرا الصحية بحجة مواجهة جائحة كورونا.
وأضاف قاسم في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الفلسطينيين باتوا يقلعون أشواكهم بأيديهم، ولا ينتظرون دعما من أحد، لأنهم سئموا الانتظار على مدار العقود الماضية، حيث لاقوا الخذلان من غالبية الزعماء العرب السابقين والحاليين.
وأشار إلى أن بعض المواقف العربية تستحق الاهتمام والبناء عليها، مهما كانت خلفياتها، في حين أنه لا بد للقيادة الفلسطينية أن تتعامل مع كافة الأطراف بناءً على مدى وقوفهم إلى جوار القضية وقربهم منها، وهذا ما قد يدفع البعض إلى تحسين مواقفهم في حال تم تعرية المطبعين والمتخاذلين.
ولم يكلف الزعماء العرب أنفسهم بعقد قمة طارئة لمناقشة القضية والبحث في سبل مواجهتها ودعم الموقف الفلسطيني سياسيا وماديا، برغم أن جائحة كورونا وفرت لهم غطاءً لعقدها عبر الفضاء الالكتروني، إلا أن ذلك لم يحدث.
ولم يختلف المحلل السياسي تيسير محيسن مع سابقه، على أهمية الموقف العربي الرسمي برغم ضعفه، ففي سكوت الدول العربية أو تماهيها مع الاتجاه (الإسرائيلي) ضربة للموقف الفلسطيني وخذلان من شأنه التأثير المباشر على القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية.
وقال محيسن إن الظروف السياسية في الإقليم طيلة العقد الأخير غير مستقرة نتيجة الخلافات الداخلية في غالب الدول العربية، وهذا ما أدى إلى غياب الموقف العربي الشعبي، وضعف الموقف الرسمي، وكل ذلك يضعف الموقف الفلسطيني نسبيا.
ويتضح من التغول (الإسرائيلي) على الحقوق الفلسطينية وكأن لديه طمأنة من بعض الأطراف في الإقليم العربي، بعدم الوقوف في وجه القرارات العنصرية والاحتلالية، مهما بلغت، والاكتفاء بالاستنكار الإعلامي والتصريحات التي ليس لها تأثير على الصعيد السياسي، ولا ترتقي إلى مستوى الحدث.