لثلاثة عشر يوما متتالية بدأت في الرابع عشر من تموز عام 2017 وانتهت في السابع والعشرين من الشهر ذاته أغلق الاحتلال بوابات القدس ومنع الصلوات فيه.
اتخذ الاحتلال تنفيذ عملية فدائية قرب الحرم، ذريعة لتنفيذ مخططه بفرض واقع جديد وسيادته على الأقصى، فأغلق البوابات ومنع الصلوات للمرة الأولى منذ عام 1967 وأصدر قراره بتركيب كاميرات مراقبة وبوابات إلكترونية أمام بوابات الدخول للأقصى، ما دفع المقدسيين للاعتصام ورفض الدخول واغلاق البوابات مطالبين برفعها.
وبين عناد وعناد توحش الاحتلال الذي كان يراهن على ضجر ويأس المقدسيين وخضوعهم، فبدأت حملات الاعتقال في صفوف موظفي وأذنة المسجد الأقصى حيث اعتقل آنذاك 58 موظفا تابعين للأوقاف.
وفي اليوم التالي أعلن الاحتلال عودة الصلاة بعد تثبيت الكاميرات والبوابات الإلكترونية ما دفع المقدسيين للإصرار على اعتصامهم ورفض الدخول للأقصى مرورا بالبوابات الإلكترونية.
ثلاثة أعوام مرت على الرفض الشعبي لأهالي القدس والاعتصام أمام البوابات ووصل ذروته آنذاك مشكلا رعبا للاحتلال في يوم العشرين من تموز، وفي الواحد والعشرين الذي صادف يوم الجمعة زادت الاقتحامات ومنع الشيوخ والمصلين من دخول الأقصى، واقتحم الشباب المقدسيون الجدران قافزين للأقصى رافضين الدخول عبر البوابات.
في ذكرى هبة البوابات أكد الدكتور جمال عمرو المختص بقضايا القدس وأحد قادة ثورة البوابات يستذكر مع الرسالة الحدث الأضخم خلال السنوات الأخيرة قائلا: كان واحدا من أبرز الاحداث، وشكل من بدايته حتى نهايته مرحلة تحد أدت إلى انتصار مؤزر لثورة شعبية مقدسية رفع فيها العلم الفلسطيني وحده وكان التضامن العربي لافتا الى درجة كبيرة.
ويضيف عمرو: لقد أنهكت أوسلو الفلسطينيين ودمرتهم بل هي النكبة الثالثة للشعب الفلسطيني الذي وصل الى يقين لإطلاق أي شرارة للاعتراض على تلك الاتفاقية، وكانت هبة البوابات إحدى الشرارات التي وحدت كل الأطياف الفلسطينية بعيدا عن التأثيرات الأمنية.
وقد كان حدث البوابات متميزا لعدة أسباب من وجهة نظر عمرو أولها أنه كان بنكهة التحدي الحقيقي، وشكل رافعة لنجاح الحراك.
والسبب الآخر كما قال عمرو أن قيادة الهبة كانت على يد أفراد مقدسيين شعبيين وليسوا قادة سياسيين، وكانت الكلمات التعبوية التحفيزية تلقى من عامة الشعب، ما جعل عدد المعتصمين يزداد خلال أسبوعين وصل الى إصرار المعتصمين النوم على الأرصفة ليلا والوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة نهارا.
ويقول عمرو كان حدث البوابات دليلا على جهوزية الشعوب ونقائها واستعدادها للوقوف واتخاذ القرار لحماية الأقصى حتى مع ازدياد عدد الجرحى والاعتقالات، لكن ذلك كان إشارة إيجابية قوية لأهالي القدس الذين راهنوا على وقفتهم، فإما كاسرا او مكسورا.
ويحاول الاحتلال أن يفرض منذ ذلك اليوم سياسة قمعية تجنبه هبة قوية كالبوابات، فبدأ بعدها بملاحقة واعتقال الشيخ رائد صلاح، وأوقف عمل الجمعيات الإسلامية بالداخل المحتل تقريبا، ومنع المرابطين من رباطهم وابعادهم عن الأقصى واعتقالهم.
وامتدت إجراءات الاحتلال لاعتقال متكرر ومكثف لموظفي الأوقاف وصولا إلى أزمة اغلاق باب الرحمة وانتهاء بالضغوطات التي تمارس على الأردن، والحديث عن إدارة الأقصى من السعودية وتجويع الأردن ووضعها بين مطرقة الجوع وسنديان الاحتلال.
ويعلق عمرو على كل ذلك: الإجراءات المتزايدة والقمعية كانت محبطة للنفوس ومرت أحداث كثيرة على القدس ولم تلق تجاوبا شعبيا مشابها لما حدث في أزمة البوابات.
وبدأ الاحتلال بتجارب يختبر فيها الحياة عند المقدسيين، ونفذ اعتقالات مكثفة في صور باهر، وفرغ أراضي من أهلها في العيساوية وابعد عن الأقصى مرابطين وموظفين وشيوخا، لم يكن لها مثيل في السابق ولم يكن هناك حراك.
ويتوقع عمرو أن يعاد سيناريو البوابات في هبة جديدة لباب الرحمة حيث عاود الاحتلال اغلاقه اليوم بقرار من المحكمة، ما اعتبره حماقة مضاعفة من الاحتلال الذي يراهن على يأس أهل القدس ولكنهم يصدمونه في كل مرة ويغضبون من جديد، وهذا ما يتوقع حدوثه خلال الأيام القليلة الماضية من هبة جديدة لباب الرحمة.