تتصاعد حدة الخلافات بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو وشريكه بيني غانتس حول عدة قضايا جوهرية، من ضمنها مخطط الضم وفرض السيادة على الضفة الغربية والاغوار، والتي يبدو انها قد تؤدي في النهاية لانهيار الحكومة والاتجاه نحو الانتخابات الرابعة.
ومن الجدير بالذكر أن غانتس لا يعترض على فكرة الضم ولكن على الطريقة، إلى جانب أنه يحاول تعطيل مشروع نتانياهو بالضم قدر المستطاع حتى لا يمنحه المجد الذي يسعى الأخير لتحقيقه.
ومن الواضح ان حجم الخلافات الداخلية المتجذرة في النظام السياسي الإسرائيلي ساهمت في كبح جماح نتانياهو الذي يرى أنه أمام فرصة تاريخية لتحقيق مجده الشخصي عبر ضم الضفة، فيما يحاول خصومه تفويت الفرصة عليه ما يعني أن الخلافات الداخلية ساهمت إلى حد كبير في تعطيل الضم.
من ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة التي تعتبر اللاعب الأهم في قضية الضم، بقدر ما منحت نتانياهو الدعم الكامل للسيطرة على الأرض الفلسطينية بقدر ما تحاول ضبط جموحه اتجاه هذا المشروع عبر وضع اشتراطات الهدف منها محاولة تخفيف حجم الاضرار والآثار التي قد تترتب على تنفيذ المخطط دفعة واحدة.
لذا فإن موقف الإدارة الامريكية توافق مع موقف خصوم نتانياهو خاصة غانتس حول طريقة الضم والتدرج فيه، حيث أن الإدارة الأمريكية تشترط موافقة جماعية داخل الحكومة الإسرائيلية كأساس لموافقتها على الخطة، وإعطاء الضوء الأخضر للحكومة ببدء تنفيذها.
ويحاول غانتس ربط موافقة حزبه بأن يتم تمرير الميزانية لعامين بدلًا من عام، خاصةً وأنه يخشى بأن تكون عملية تمريرها لعام لصالح نتنياهو الذي قد يعمل على تفكيك الحكومة بعد الحصول على السيادة.
ورغم وجود أغلبية في الكنيست مؤيدة لتنفيذ خطة الضم، إلا أن الإدارة الأمريكية تشترط إعطاء الضوء الأخضر لتنفيذه بموافقة "أزرق أبيض".
مصادر في (إسرائيل) قالت إن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن ترى خطة الضم النور بموافقة مشتركة بين كحول لفان والليكود، مع ثمن جدي للفلسطينيين، وأنها تحاول فرض ذلك كاشتراطات جديدة للسماح لحكومة الاحتلال بتنفيذ الضم.
وقالت قناة كان العبرية أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت شروطا جديدة أمام تنفيذ خطة الضم، لأنها تريد ان ترى خطة الضم النور بموافقة مشتركة بين الليكود وكحول لفان، وأن تكون في ظل حالة استقرار سياسي في (إسرائيل)، لا أن تكون الخطة جزءا من وعود انتخابية كما كان الأمر في السابق.
وتأتي هذه الاشتراطات في ظل تصاعد خطير في حدة الخلافات الداخلية أدت إلى أن يهدد نتنياهو رئيس الوزراء البديل، ووزير الأمن، غانتس، بحل الحكومة والذهاب إلى انتخابات رابعة، إذا لم يدعم خطة فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن.
ويبدو وكأن نتانياهو وغانتس كل منهم ممسك برقبة الآخر، فحين يلوح نتنياهو بالذهاب لانتخابات رابعة يدرك أكثر من غيره ان الانتخابات من الصعب ان تجري خلال هذا العام نتيجة أزمة كورونا والازمة الاقتصادية وأن الذهاب لانتخابات سيعيق الضوء الأخضر الأمريكي لحكومة نتنياهو لضم ما يقارب 30% من الضفة الغربية".
من ناحية أخرى غانتس يخشى الانتخابات بعد تفكك حزبه "أزرق أبيض" ويعلم أنه إذا دعا نتنياهو لانتخابات رابعة فإنه ينهي مستقبله السياسي.
وتشير استطلاعات الرأي بتأخير شعبيته، بينما يمانع غانتس عملية الضم الكبيرة لأنه ينظر لها من ناحية عسكرية وتكلفة هذا الضم من الناحية الأمنية وزيادة وجود جيش يحمي الحدود الجديدة إضافة لتأسيس هذا الضم لمرحلة مواجهات أقلها شعبية ترهق جيش الاحتلال".
لذا فإن نتانياهو بحاجة له أكثر من أي وقت مضى كضرورة لتمرير مشروع الضم وفق الاشتراطات الأميركية ووفق رؤيته الخاصة بضرورة استمرار الحكومة الحالية.
ورغم حجم الخلافات الداخلية وصعوبة تمرير مشروع الضم في ظلها إلا أنه كمشروع يبقى مرهونا بالإدارة الأمريكية بالدرجة الأولى التي ستلزم (إسرائيل) بتنفيذ رؤيتها.
لذا فإن التوقعات تشير إلى تدخل أمريكي يدفع الطرفين إلى الاتفاق على آلية الضم، والذي غالباً سيكون اتفاقا على الضم التدريجي الذي يبدأ بالمستوطنات الكبرى.