تراجع وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بقلي عن تصريحاته التي تؤكد بدء بلاده ملء سد النهضة، في حين قالت وزارة الري السودانية إن مستويات المياه في النيل الأزرق انخفضت بنحو 90 مليون متر مكعب يوميا.
وقال بقلي إن تصريحاته التي أدلى بها في وقت سابق الأربعاء للتلفزيون الوطني الإثيوبي (رسمي)، كانت تشير إلى "صحة صور الأقمار الصناعية للسد"، نافيا في الوقت ذاته أن تكون أديس أبابا "بدأت فعليا عمليات الملء".
وأوضح الوزير الإثيوبي أن الأمطار الغزيرة والتدفق الكبير للمياه الداخلة إلى السد مقارنة بالتدفق الخارج منه هو ما تسبب في ارتفاع منسوب المياه خلف السد، وهو ما أظهرته صور الأقمار الاصطناعية.
بدورها، قالت وزارة الخارجية السودانية -في تغريدة على تويتر- إن نظيرتها الإثيوبية أبلغتها بعدم صِحة خبر شروع السلطات الإثيوبية في ملء سد النهضة، وأوضحت أن وزير الموارد المائية والري الإثيوبي لم يدلِ بالتصريحات التي نُسبت إليه أمس، ببدء عملية ملء السد.
وكانت وكالات أنباء ذكرت أن وزير الري الإثيوبي أعلن أمس الأربعاء أن بلاده بدأت ملء خزان سد النهضة على النيل الأزرق، قائلا إن "المشروع الذي كان ينتظره الشعب الإثيوبي يتجه الآن نحو تحقيق أهدافه".
وفشلت مصر وإثيوبيا والسودان في التوصل لاتفاق في جولة جديدة من المحادثات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي حول تنظيم تدفق المياه من السد العملاق.
وفي سياق متصل، أفاد مراسل الجزيرة في السودان بأن منسوب مياه نهر النيل الأزرق سجل انخفاضا كبيرا عند أول نقطة قياس في محطة الديم خلف بحيرة سد الروصيرص التي تبعد 20 كيلومترا فقط عن سد النهضة.
ونقل المراسل عن الحكومة السودانية أن منسوب المياه بلغ 10.57 أمتار، مقارنة بـ11.96 مترا في نفس الفترة من العام الماضي، أي بانخفاض بلغ 1.39 متر.
ووفقا لوزارة الري السودانية، فإن إيراد النيل الأزرق ليوم أمس سجل نقصا بما يعادل 90 مليون متر مكعب، وأن هذا الانخفاض لم يحدث من قبل في مثل هذا التوقيت.
وأضافت الوزارة في البيان أن السودان يرفض أي "إجراءات أحادية الجانب يتخذها أي طرف، خاصة مع استمرار جهود" التفاوض بين الدولتين ومصر.
غضب مصري
وفي مصر، طالبت الحملة الشعبية المعروفة باسم "باطل" بانسحاب مصر فورا من اتفاقية المبادئ مع إثيوبيا الموقعة عام 2015، ردا على إعلان أديس أبابا البدء في ملء خزان سد النهضة دون اتفاق مع مصر والسودان.
ودعت الحملة -في بيان رسمي- المصريين والقوى السياسية لإبطال الاتفاقية، كما دعت إلى إجراء استفتاء شعبي للتصويت عليها، مشددة على أنه في حال رفض النظام إجراء استفتاء شعبي، فإنها ستنظمه عبر منصتها الإلكترونية.
كما دعت الحملة كل القوى السياسية بمختلف توجهاتها داخل مصر وخارجها، إلى تجاوز أي خلاف وتوحيد موقفها ضد ما وصفته بالتنازل عن النيل.
بدوره، قال زعيم حزب غد الثورة المصري أيمن نور إن ملف سد النهضة انتقل إلى مسؤولية الجيش عندما كان السيسي وزيرا للدفاع عام 2013، بناء على طلب السيسي نفسه.
وأضاف نور -في لقاء مع الجزيرة- أن مصر تتحمل الآن ثمن المواءمات التي أدار بها السيسي ملف السد، على حد قوله.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة سيف الدين عبد الفتاح، فقال للجزيرة إن "تفرد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باتخاذ القرار في مسألة سد النهضة، كان وراء إضعاف المفاوض المصري، من خلال التوقيع على اتفاق المبادئ مع إثيوبيا دون استفتاء الشعب أو استشارة مجلس نوابه.
وأضاف أن السيسي خالف بذلك الدستور الذي ينص على استفتاء الشعب في أي اتفاق يمس شأن السيادة المصرية.
من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية إن القاهرة طلبت توضيحا رسميا عاجلا من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة المعلومات الواردة عن بدء ملء خزان سد النهضة.
ونقلت وسائل إعلام مصرية أن القاهرة تبحث اللجوء إلى مجلس الأمن، بعد إعلان إثيوبيا بدء ملء السد.
بدوره، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن "من المهم أن تجد إثيوبيا ومصر والسودان الحل الصحيح بشأن سد النهضة الذي سيفيد جميع شعوبها".
من جهته، قال المندوب الألماني في مجلس الأمن الدولي كريستوف هويسغن إن المجلس مستعد للتعامل مع قضية سد النهضة إذا تم طرح الموضوع مرة أخرى عليه.