خفت صوت السلطة الفلسطينية تجاه قضية ضم الضفة الغربية والاغوار فجأة، بعد سلسلة من ردود الفعل والخطوات الباهتة التي طغى عليها "الشو" الإعلامي أكثر من الخطوات العملية.
الجمهور الفلسطيني تفاجأ أن السلطة وكأنها تجاوزت قضية الضم وباتت قضية هامشية، خاصة ان السلطة تعتبر أنه بعد مرور الأول من يوليو، الموعد المحدد سلفاً إسرائيليا لفرض السيادة، دون تطبيق الخطة انجاز يحسب لها.
وصرح عدد من قيادات السلطة ان عدم تطبيق المشروع في الموعد المحدد له جاء نتيجة الضغوط التي مارستها السلطة والخطوات التي اتخذتها.
وفيما يتعلق بالسلطة، فإن السؤال الكبير الآن يتمحور حول سبب صمتها وتعمدها تجاهل قضية الضم وهناك عدة أسباب قد تكون خلف صمتها الواضح حيال ضم الضفة.
السبب الأول: تستغل السلطة جائحة كورونا التي تنتشر بشكل واسع في الضفة الغربية واستمرار فرض حالة الطوارئ والإجراءات المصاحبة لها للتغطية على مسألة الضم التي ترى انها تحمل الكثير من الاحراج لها سياسياً وشعبياً، وترى في كورونا فرصة ذهبية للتغطية على تقصيرها الواضح تجاه فعاليات وخطوات مواجهة الضم.
خاصة بعد الحملة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي والتنسيق الأمني.
السبب الثاني: تعتبر السلطة نفسها نجحت في افشال مشروع الضم عبر إجراءاتها وقف التنسيق الأمني وإلغاء الاتفاقيات إلى جانب حملة الاتصالات والحملة الدبلوماسية التي شنتها خلال الشهور الماضية للضغط على الاحتلال للتراجع عن مشروعه.
من ناحية أخرى فإن السلطة تدرك أكثر من غيرها أن السبب الأساس في تأجيل الخطة هي الخلافات الإسرائيلية الداخلية وتحذيرات الامن من تداعياتها.
والأهم الشروط التي وضعتها الإدارة الامريكية والتي قيدت يد نتانياهو في تنفيذ خطته، لكنه لم يتخل عنها ومازال يتحدث انه سيتم الضم عاجلاً أم أجلا في انتظار الوقت والظرف المناسبين.
ومع ذلك تروج السلطة إعلاميا فكرة أنها نجحت في إفشال تنفيذ فرض السيطرة على الضفة والأغوار عبر إجراءاتها.
السبب الثالث: تعاملت السلطة مع الضم عبر سلسلة فعاليات شعبية بسيطة حاولت تضخيمها اعلامياً عبر تشكيل لجنة مواجهة الضم برئاسة جبريل الرجوب، وتنظيم عدة فعاليات ومهرجانات.
وحاولت السلطة التلويح اعلامياً بشكل مبالغ فيه بانتفاضة شعبية عارمة لمحاربة مشروع ضم الضفة، لكنها في الحقيقة كانت توجه رسائل طمأنة للاحتلال بأنها لن تسمح بتنفيذ عمليات مقاومة ضده وأنها ستقوم بتنفيذ تعهداتها الأمنية من جانب واحد حتى لو أوقفت التنسيق الأمني.
وهي الرسائل التي أصغى إليها الاحتلال باهتمام، ما يعني أنها كانت امام سلسلة فعاليات وانتهت.
السبب الرابع: تستغل السلطة حالة كورونا وتأجيل مشروع الضم لمحاولة تمرير صفقة سياسية أو القبول ببعض المقترحات التي ما زالت ترى أن لها افق في عملية سياسية.
الخطير ليس فقط ما تم عرضه من مقترحات على السلطة تقايض بين وقف تنفيذ الضم، مقابل الموافقة على الذهاب إلى مفاوضات بدون مرجعية أو إطار سياسي، ولكن الأهم أن السلطة ذاتها قدمت مقترحا يتبنى المفاوضات ويقبل العودة اليها مقابل تجميد الضم وهو موقف يحمل الكثير من التراجع والضعف في الموقف الفلسطيني.
من ناحية أخرى فإن الحديث عن خطة الضم صاحبه الكثير من المقترحات المماثلة سواء من جهات اممية ودولية او حتى عربية، والأخطر ان المقترحات تتحدث عن مفاوضات دون مرجعيات.
فهي تدعو إلى تجاوز المرجعية القانونية التي أقرتها الأمم المتحدة وتعطي الأولوية لميزان القوى، وعلى أساس ما تدعيه (إسرائيل) من أن هذه الأرض متنازع عليها.
موافقة السلطة على أي مقترح يدعو للعودة للمفاوضات بغض النظر عن تفاصيله بالتزامن مع الصمت المطبق حيال قضية الضم من قبل السلطة يفتح الباب ام تخوفات وتكهنات بوجود صفقة سياسية في الخفاء.