في 2 أغسطس/آب 1990، اجتاح الجيش العراقي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين الكويت، وضم هذه الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالنفط، قبل أن يطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد 7 أشهر، وخضع العراق للحظر لنحو 13 عاما، واضطر لدفع تعويضات حرب كبيرة للكويت، عبر الأمم المتحدة.
اتهامات بالسرقة
وبدأت الأزمة بين البلدين في 18 يوليو/تموز 1990، عندما اتهمت بغداد جارتها بـ"قضم" أراضيها و"سرقة" النفط من حقل الرميلة النفطي في جنوب البلاد، وطالبت بتسديد نحو ملياري يورو.
ونفت الكويت هذه الاتهامات، وردت بأن العراق هو من يحاول حفر آبار النفط على أراضيها، واتهم العراق الكويت أيضا بأنها "تغرق عمدا" سوق النفط.
وبين البلدين خلافات عديدة، لكن قضية ترسيم الحدود المعلقة منذ استقلال الكويت في 1961 هي الأكثر تعقيدا.
وطالبت بغداد الكويت بإلغاء الديون التي اقترضتها منها خلال حربها ضد إيران (1980-1988)، معتبرة أنها دافعت بها عن هذه الدولة الخليجية أيضا.
وفي 20 يوليو/تموز 1990، بدأت الجامعة العربية وساطتين، لكنهما فشلتا، وتم تعليق المحادثات العراقية الكويتية في الأول من أغسطس/آب.
الدور الأميركي
وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة دي فيلت (WELT) الألمانية تقريرا قبل أيام، سلطت فيه الضوء مجددا على دور الولايات المتحدة الغامض في حرب الخليج، وعما إذا كانت السفيرة الأميركية في العراق وقتذاك أبريل غلاسبي أعطت "الضوء الأخضر" فعلا لصدام حسين لغزو الكويت أثناء لقائها معه قبيل اجتياح الجيش العراقي للكويت بأيام معدودة، أم أن كلام السفيرة قد فُهم من قبل القيادة العراقية بشكل مختلف عما قصدته؟
وتناولت مجلة فورين بوليسي الأميركية المقابلة المشهورة بين صدام وغلاسبي، مشيرة إلى أن السفيرة أوضحت للرئيس العراقي أنها لا تملك رأيا في خلاف العراق الحدودي مع الكويت، وهو ما جعل البعض ينحون باللائمة على كلام السفيرة الأميركية في حدوث هذا الغزو. بيد أن المجلة قالت إن وزارة الخارجية الأميركية كانت أرسلت أيضا تأكيدات في وقت سابق لصدام بأن واشنطن ليست لديها التزامات دفاعية أو أمنية خاصة تجاه دولة الكويت؛ وهو ما ينفي اقتصار الأمر على اللقاء بين السفيرة الأميركية والرئيس العراقي في ذلك الوقت.
غلاسبي أصرت لدى مثولها أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في واشنطن في مارس/ آذار 1991 على أنها حذرت الرئيس العراقي مرارا من مغبة هجومه على الكويت، ولكن بلهجة دبلوماسية، وهو ما وضحه أيضا جيمس أكينز، سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى السعودية، الذي علق على هذا الأمر أنه في اللغة الدبلوماسية لا يتسنى لك توجيه التحذير -كما يعتقد البعض- بشكل مباشر.
وفي هذا السياق، ذكرت مجلة فورين بوليسي أن صدام قاطع السفيرة الأميركية مرارا، وأخبرها بقائمة من المظالم لتوصلها للرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش، كما أنه اتهم الولايات المتحدة بأن لها نوايا خبيثة ضد بلده، وهو ما يوضح -في رأي المجلة- أن الرئيس العراقي كان لديه الوقت الكافي من أجل فهم النوايا الأميركية، وليس صحيحا أن جملة واحدة فقط هي السبب في عدم فهم صدام لكلام السفيرة أو تفسيره بشكل خاطئ.
بداية الغزو
في 2 أغسطس/آب 1990، حدث الغزو، و"بدأت القوات العراقية دخول الأراضي الكويتية واحتلال مواقع داخل" البلاد، ووقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الوحدات الكويتية والجيش العراقي وسط مدينة الكويت.
لكن أمام 100 ألف جندي عراقي و300 دبابة، كان الوضع يفوق طاقة الجيش الكويتي، الذي يبلغ عدده 16 ألف رجل. وتم احتلال المدينة خلال النهار، وفر الأمير جابر الأحمد الصباح إلى السعودية، في حين قُتل شقيقه الشيخ فهد. وفي المساء توجه الجيش العراقي إلى مينائي الشعيبة والأحمدي النفطيين.
أدان المجتمع الدولي بشدة الغزو، في حين سجلت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا.
وفي اجتماع طارئ، طالب مجلس الأمن الدولي "بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية". وجمدت واشنطن جميع الأصول العراقية في الولايات المتحدة والشركات التابعة لها في الخارج، وكذلك الأصول الكويتية لمنع كويتيين من الاستيلاء عليها لحساب بغداد، وأوقف الاتحاد السوفياتي توريد الأسلحة للعراق.
وفي 6 أغسطس/آب، فرض مجلس الأمن حظرا تجاريا وماليا وعسكريا على العراق.
وفي 8 من الشهر نفسه، أعلن الرئيس الأميركي إرسال قوات إلى السعودية. وفي اليوم التالي، وصلت أول دفعة من جنود ما تعرف بعملية "درع الصحراء"، التي سميت بعد بدء الحرب لاحقا بـ"عاصفة الصحراء".
أغلق العراق حدوده، وحجز آلاف المدنيين الغربيين والعرب والآسيويين على غير إرادتهم في العراق أو الكويت، وتم استخدام نحو 500 شخص "دروعا بشرية" لأكثر من 4 أشهر.
وفي 8 أغسطس/آب أعلن العراق ضم الكويت "الكامل وعلى نحو لا رجعة فيه". وفي نهاية الشهر ذاته، أعلنت بغداد التقسيم الإداري للكويت، وجعلت مدينة الكويت والمناطق المحيطة بها المحافظة 19 بالعراق.
عاصفة الصحراء
سمح مجلس الأمن في 29 نوفمبر/تشرين الثاني "للدول الأعضاء باستخدام جميع الوسائل اللازمة" إذا لم يغادر العراق الكويت قبل 15 يناير/كانون الثاني 1991.
وبدأت، في 17 منه -بعد فشل عدة مبادرات دبلوماسية- عملية "عاصفة الصحراء" بقصف جوي مكثف. وفي اليوم التالي ولعدة أسابيع ردت بغداد بإطلاق صواريخ سكود على "إسرائيل" والسعودية.
وحثت الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا إسرائيل على عدم الرد، ونشرت الولايات المتحدة بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ في إسرائيل في 20 يناير/كانون الثاني.
في 24 فبراير/شباط 1991، انطلقت الحملة البرية ضد العراق، وبعد 3 أيام أعلن بوش أن "الكويت تحررت"، وأن "الجيش العراقي هزم".
وفي اليوم التالي، وافقت بغداد على جميع قرارات الأمم المتحدة. وترك العراقيون وراءهم بلدا مدمرا ومنهوبا وأكثر من 750 بئرا للنفط مشتعلة.
وقسمت الأزمة العرب؛ حيث شاركت الجيوش المصرية والسورية في التحالف، مما أثار استنكار دول عربية أخرى.
العراق والكويت استأنفا علاقاتهما عام 2008، وتبادل قادتهما الزيارات على مدار السنوات الماضية (الصحافة العراقية)
استئناف العلاقات
واستؤنفت العلاقات بين البلدين عام 2004 على مستوى قائم بالأعمال، وعيّنت الكويت أول سفير لها في بغداد في يوليو/تموز 2008، وفي مارس/آذار 2010، سمّى العراق سفيرا له لدى الكويت.
ولم ترفع الأمم المتحدة العقوبات التي فرضتها على العراق عام 1990 إلا عام 2010، أي بعد 7 سنوات من سقوط نظام صدام حسين بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.
ورغم ذلك، لا تزال الخلافات الحدودية قائمة، إذ إن العراق يعترف بالحدود البرية التي رسمتها الأمم المتحدة عام 1993، لكنه يعتبر أن حدوده البحرية تمنعه من الوصول إلى الخليج، وهو أمر حيوي لاقتصاده؛ ولذلك تعتقل البحرية الكويتية الصيادين العراقيين بانتظام.
المفقودون لا يزالون بالآلاف من الجانبين، وحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لم تتم إعادة سوى 215 كويتيا و85 عراقيا. لكن في المجمل، تحسنت العلاقات بشكل كبير بين البلدين.
وفي عام 2018 استضافت الكويت مؤتمرًا للمانحين لإعادة بناء العراق، وكانت أوّل من أسهم بمبلغ ملياري دولار، وتبادل قادة البلدين الزيارات على مدار السنوات الماضية.