فتحة "فرعون".. ممر "سيما" نحو يافا!

من مدينة يافا
من مدينة يافا

الرسالة نت-مها شهوان

"تعالوا هاي البحر" بلهفة تنادي سيما بشارات – 12 عاما- شقيقاتها حين سبقتهم إلى شاطئ بحر يافا، فلأول مرة تراه بعدما قدمت من مدينة نابلس برفقة عائلتها.

أمواج متلاطمة وزرقة الماء اعتادت الصغيرة "سيما" مشاهدتها عبر التلفاز لكن لهفتها لشاطئ يافا الذي هو موطن أجدادها قبل النكبة الفلسطينية عام 1948، جعلها تلهو في الماء طيلة ساعات الاستجمام مع عائلتها.

الذهاب إلى بحر يافا ليس سهلا على أهالي الضفة المحتلة، فلا بد من حصول الزائر على تصريح (إسرائيلي)، وغالبا ما يرفض، لكن هذا العام كان مختلفا وربما يشبه بعض السنوات التي غض جنود الاحتلال النظر عن عمد حين دخل المئات من المصطفين عبر فتحة في قرية فرعون قرب طولكرم، ومن ثم يصلون إلى الباصات التي تقلهم إلى يافا بعد مشي لمدة 10 دقائق.

تصف "لبابة" والدة "سيما" أنها شعرت كما لو كان العيد حين وطأة قدماها شاطئ يافا بعدما كانت زيارتها الأخيرة له قبل سبع سنوات، مبينة أنها وعائلتها ترددوا كثيرا لكن عشية الزيارة قرروا الذهاب في الصباح.

وتحكي أكثر عن رحلتها إلى يافا: "في البداية كنا نخشى الذهاب لاسيما بعدما سمعنا أن جنود الاحتلال أطلقوا الغاز المسيل للدموع على أهالي الضفة وهم في الطريق إلى يافا (..) لكن صور المعارف والأصدقاء شجعتنا وذهبنا دون تخطيط".

وتروي "لبابة" أن المشهد على الشاطئ كأنه يوم عيد فالمئات من سكان مدن الضفة يستجمون برفقة أسرهم منهم من يلعب وآخر يشوي اللحوم وسيدة تقلب طنجرة المقلوبة وورق العنب، أما فرحة الأطفال فكانت لا توصف فهم يقفزون في كل مكان فرحا.

وعن تكاليف رحلتهم ذكرت أن عائلتها استأجرت باصا لعشرين راكبا بقيمة 1700 شيكل، ومع ذلك سعدوا بالرحلة، متمنية لو كان يسمح لهم الذهاب بالسيارة الخاصة لذهبت برفقة عائلتها يوميا إلى الشاطئ.

واستغلت عائلة "لبابة" رحلتها إلى يافا، فتجولوا كحال الزائرين في شوارعها، تعلق بالقول: "بلادنا كتير حلوة شوارعها جميلة وأزقتها العتيقة تأسر المار فيها"، متابعة: لم يسعفنا الوقت للتعرف أكثر على بلدتنا لكن أنهينا زيارتنا بالصلاة داخل مسجد يافا الكبير.

***طنجرة مقلوبة

صور كثيرة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي جاءت توثيقا لرحلات الضفاويين إلى شاطئ يافا، لكن صورة الحجة التسعينية "أم زهير" من دير الغصون تفاعل معها العشرات فكتبت الناشطة عبير قاسم:" الحجة اجتازت الجدار العنصري والأسلاك المكهربة لتعانق بحر يافا (..) الحجة دخلت شرعي من فتحة الجدار غير الشرعي.

وتابعت:" تخيلت يا ترى شو اخذتي معك يا ام زهير طنجرة مقلوبة على لحمة العيد، ولا ورق عنب (..) ثوبك تبلل وانتي تلعبي بالمي، جمعتي صدف البحر، ما بتعرفي تسبحي اكيد بجوز هاي اول مرة بعد التهجير توصلي البح ".

وأكملت:" تخجليش يا ام زهير لا من طنجرة الطبيخ، ولا من ثوبك ولا من قلة فلوسك، ولا لأنك نزلتي من فتحة قرر المحتل تدخلي منها لوطنك المسروق والمسلوب"، متابعة: الي لازم يخجل ويخاف حرامية البلد الي بنزلو لأرضنا المحتلة على الكازينوهات بسياراتهم، الي لازم يخجل شركاء المستوطنين بالتجارة ووكلائهم".

ورغم فرحة الضفاويين بزيارتهم لبحر يافا، كان بعض منهم يبرر زيارته ويدافع وكأنه عامل "عملة سودة".

يعلق د. سعيد دويكات وهو محام شرعي، حول الرحلات إلى الداخل المحتل وعقدة الشعور بالذنب، بالقول:" تصطبغ بصبغة التبرير والدفاع، منهم يكتب "والله ما كلفتنا الشغلة أكثر من 200 شيكل، والله انا رحنا الأقصى بعدين رحنا البحر، والله العظيم الشط اللي كنا عليه ما فيه شيء ولا حدا لابس لبس مش منيح، أقسم بالله أخذنا أكلاتنا معنا وما صرفنا شيء ولا دخلنا مطاعم".

وتابع:" أربعوا على أنفسكم يا قوم، الارض أرضنا والبحر بحرنا والبلاد بلادنا والهواء هواؤنا ومن حقنا أن نكون فيها بأي وقت، لا حاجة للتبرير ولا حاجة للاعتذار ولا يحق لغيركم ممن لم يذهب- وأنا منهم- أن يتطاول عليكم ولو بكلمة واحدة (..) ما دمتم لم تخالفوا شرعا ولا عرفاً سليما فلا عليكم".

البث المباشر