تفاوت الإصابات بين سكان القطاع واتساع النطاق الجغرافي لظهور الفايروس، يؤكد لنا أن الخارطة الوبائية من الصعب جداً تحديد مسارها الحقيقي. وغالباً ما تكرس الحكومات الجهود لمعرفة الحد المكاني للإصابة الأولى والتي تساعد المختصين والخبراء في عزل بؤرة التفشي، قد ينجح هذا حال التوقع الحقيقي لحداثة انتشار الفايروس.
أما في قطاع غزة قد يكون الأمر مختلفاً تماماً، فهناك عدد من الإصابات لا يمكن تحديد الأشخاص المباشرين الذين نقلوا العدوى، ويعود ذلك إلى احتمالات متباينة:
أولاً: التقارير التي صدرت عن فرق الطوارئ أكدت خلو القطاع من الفايروس في حدود سبعة أشهر ماضية، وبعض المسحات المخبرية العشوائية أكدت عدم وجود فعلي وحقيقي للفايروس بين السكان خارج مراكز الحجر الصحي. خلال هذه الفترة من المؤكد حدوث نوع من الأخطاء، سيما مراكمة الجهود الحثيثة والتركيز على تأمين المحجورين، وفتح المعابر واستقبال العائدين، فمعدل الخطأ هنا وارد.
ثانياً: نقل الفايروس لا يعني بالضرورة أن يحمله الشخص بنفسه، فمن الطبيعي أن يُنقل عبر الأوراق الثبوتيه، كالتصاريح التي يستلمها العمال، وجوازات السفر والتي يتم إدخالها عبر معبر بيت حانون، حتى وإن خضعت لإجراءات التعقيم، إلا أن نسبة الخطأ أيضاً أمراً وارداً، فالارتباط المباشر مع الضفة الغربية ومع الاحتلال الإسرائيلي في تبادل السلع والمواد الغذائية والطبية وبطاقات الأحوال المدنية هو بحد ذاته مصدراً للوباء.
الاحتمالان السابقان لم يكونا نهاية الطريق أو مدخلاً للإحباط واليأس والاستسلام، بل يجب أن يكونا مدخلاً لتصويب الأخطاء، من خلال الآتي:
1. الحفاظ على حالة الهدوء والاستقرار، فالتواجد الحقيقي للفايروس بين السكان لم يك خلال يومين أو ثلاثة، بل المعطيات التي تظهر تؤكد أن الفايروس متواجد منذ فترة طويلة، وهذا لا يدعونا للقلق، بل لمزيد من الاطمئنان.
2. تعزيز التعاون المشترك بين السكان وكافة الأجهزة المختصة في مكافحة الوباء، بما يتناسب مع فرض الإجراءات الأمنية والصحية التي تعزز الثقة وتحافظ على المسار الصحيح في مواجهة الوباء.
3. تقديم الدعم المناسب بما يعزز حالة الصمود، وعدم الإفراط في مواصلة منع التجوال بهذه الصورة التي قد تؤثر على المستوى المعيشي للمواطنين، وبالتالي معالجة الأزمة بوضع محددات وضوابط وأسس يترتب عليها دعماً متواصلاً لكافة القطاعات الفلسطينية لإنجاح فرق الطواريء في مواجهة الوباء.