أقرت السلطة موازنة طوارئ لعام 2020 تماشيا مع جائحة فيروس كورونا، وفق ما أعلنت وزارة المالية في رام الله بداية العام الجاري.
ولعل المشكلة الأساسية لا تتمثل في قانون الموازنة نفسه، والذي تستخدمه الدول كمخرجا في أوقات الأزمات، بقدر ما بات قانون الموازنة بابا للفساد والتجاوزات ومنح الامتيازات غير المشروعة والتوظيف على غير وجه حق.
وتهتم "موازنة الطوارئ" بالتقشف وتقليل النفقات وزيادة الصرف على القطاعات الأكثر احتياجا كقطاع الصحة في ظل أزمة كورونا، إلا أن متنفذين في السلطة استغلوا موازنة الطوارئ لتمرير عقود امتيازات وتوظيف أقرباء من الدرجة الأولى وغيرها من المصالح.
تحايل على الموازنة
بدوره، قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور نائل موسى، إن العمل بموازنة الطوارئ على شكلها الحالي، لن يخفف المصاريف بسبب سوء استخدامها.
وأوضح موسى في حديث لـ "الرسالة نت" أن عيوب موازنة الطوارئ لا تظهر آنيا، "والميزانية ستعاني خلال السنوات المقبلة من العمل بموازنة الطوارئ لما تمثله من تراكم للديون ومصاريف كبيرة في ظل أزمة كورونا".
وانتقد موازنة الطوارئ، لعدم تضمنها لعدة سيناريوهات تماشيا مع الوضع الذي يحدده انتشار فيروس كورونا مع انتهائه.
وأضاف موسى: "نستطيع أن نطلق على موازنة الطوارئ، بأنها تدفقات نقدية للمصاريف والإيرادات، ولا يمكن أن تكون موازنة طوارئ، وبالتالي هناك متنفذين يستفيدون من اقرار الطوارئ دون إدارة سليمة للموازنة".
وليس غريبا لو أطلقنا على ما يحدث "إدارة لتدفقات نقدية يتم تسجيلها وفق الصادر والوارد، ولا ترتقي لأن يطلق عليها "موازنة طوارئ".
ويرى مراقبون أن العمل بموازنة طوارئ يُبقي المصاريف كما هي، وهذه حقيقة مخجلة تبيّن لنا أن ممارسة الحكومة للإدارة المالية واحدة بغض النظر عن الحال الذي تمر به السلطة.
وبالتالي كان يجب على السلطة، إعداد موازنة وفق سيناريوهين، الأول: حال استمرت أزمة كورونا وقلة الإيرادات، والثاني: حال انحصار أزمة كورونا وزيادة الإيرادات، "لكنهم لم يعملوا ذلك على الإطلاق".
ولم تأخذ موازنة الطوارئ بعين الاعتبار القاعدة الضريبية التي تم توسيعها مؤخرا، وما هي الخطوات الواجب اتخاذها في ظل قلة دخل المواطنين وتوقف الكثير منهم عن العمل.
والمتتبع لقانون موازنة الطوارئ للسلطة يجد أنها مكونة من ثلاثة بنود، وهي الإيرادات والتي ستتقلص كثيرا مع حائجة كورونا، وأموال المقاصة التي تجبيها من البضائع الواردة لغزة والضفة وحاليا لا تستلهما السلطة، والبند الأخير المتعلق بالمنح والمساعدات والقروض والتي من المفترض أن ترتفع خلال هذه الفترة.
وكتب الخبير القانوني الدكتور عصام عابدين على صفحته "فيس بوك" منتقدا استغلال موازنة الطوارئ، قائلا: "صدقني يا وزير المالية، وأنت مجرد موظف، لو كان هناك مجلس تشريعي لجعلك والحكومة ومن يشد على أيديكم، عبرة لمن لا يعتبر، في جلسة مساءلة برلمانية علنية أمام الناس على النُكتة السمجة التي أسميتها موازنة طوارىء 2020، وأدائك المالي واختفائك عن مشهد الرواتب ومعاناة الموظفين وأُسرهم وما فعلته بالمزارعين والقطاع الزراعي وغيره".
وأضاف: "وصدقني يا صبيح المصري، أن عقد امتياز الاتصالات غير الدستوري وغيره لا يصمد جلسة برلمانية واحدة حتى ينهار، وصدقني يا محافظ سلطة النقد، ومعك البنوك، أنكم صيد برلماني سهل. لا أنتم، ولا غيركم، ممن يتحكم في مفاصل الاقتصاد، ومعاناة الناس، يملك القدرة على الوقوف على قدميه، أمام برلمان منتخب، يُعبّر عن الإرادة الشعبية".