أنشأ مخيم عين الحلوة أو كما يعرفه الفلسطينيون عاصمة الشتات الفلسطيني، على بعد 3 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة صيدا، وتبلغ مساحته حوالي 2.9 كيلو متر مربع، على قطعة أنشأتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 1949.
نزح سكان مخیم عین الحلوة من شمال فلسطين من 36 قریة متاخمة للحدود اللبنانية، منها قرى عمقة وصفورية وشعب وطيطبا ولوبيا والمنشية والسميرية والنهر والصفصاف وحطين والرأس الأحمر والطيرة وترشيحا في شمال فلسطين، ليصبح المخيم الأكبر في لبنان من حيث عدد السكان حيث يبلغ نحو 120 ألف لاجئ (54 ألفا منهم مسجلون رسميا لدى وكالة الأونروا )
وتأتي زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لهذا المخيم في ظل ظروف سياسية استثنائية تعيشها قضيتنا الفلسطينية وفي تركيبة داخلية وخارجية بالغة التعقيد، وتعتبر الزيارة الأولى من نوعها لشخصية فلسطينية قيادية من عشرات السنوات.
ولعل المتابع لهذه الزيارة يرى أن حركة حماس ورئيس مكتبها سعوا لإيصال رسائل سياسية متنوعة سنعمل على التطرق لها وذكرها بشيء من الاختصار:
أولا: العمل على إعادة الاعتبار لمخيمات اللجوء الفلسطينية وتسليط الأضواء عليها وعلى هموم أبناء شعبنا بها ووضعها على طاولة القيادة الفلسطينية، من أجل تعزيز صمودهم وثباتهم، وإبقاء القضية الفلسطينية حية في قلوبهم وفي إدراكهم.
ثانيا: ظهور عناصر لكتائب الشهيد عز الدين القسام والعروض العسكرية التي نظمت "غابة البنادق"، لها دلالة على مدى الاهتمام التي توليه قيادة حماس السياسية للعمل من أجل التعبئة العسكرية بمختلف الساحات والسعي لإعادة الروح النضالية والقتالية لأبناء شعبنا في مخيمات لبنان خاصة، ومنحهم الأرضية للتحرك بمساحة واسعة في العمل الجهادي وإعادة دورهم الريادي في مقارعة المحتل.
ثالثا: في ظل ما يطرح من بعض القوى الإقليمية وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية من مؤامرات يسعون من خلالها إلى تصفية القضية الفلسطينية وفي المقدمة حق العودة للاجئ الفلسطيني، تخرج حماس من قلب الشتات، وتقول إنها كما كانت ثابتة في مواقفها لن تكون جزءا في لعبة هنا أو هناك ولن تقبل بأنصاف الحلول، وأن قضية حق العودة حق مقدس وهو في مقدمة تطلعات شعبنا وحماس من خلفه وأنه لا تنازل عنه ولا تفريط فيه، وستعمل حماس دوما لتسليط الضوء عليه ووضعه كعنوان نضالي جوهري، وذلك لتعزيز حالة الوعي والإدراك في ذهن الشعب الفلسطيني والعالم أجمع، بالبعد التكتيكي والعمل على تحقيقه بالبعد الاستراتيجي.
رابعاً: الرسالة الأخرى التي أرادت أن توصلها حماس للمطبعين مع الكيان الإسرائيلي والمهرولين إليه، أنهم يسبحون في فلك خارج إرادة شعوبهم ويتحركون عكس التيار هذا التحرك سيعمل على إغراقهم من خلال شعوبهم ومن القوى الفلسطينية وفي مقدمتها حماس التي ستسعى جاهدة لكشفهم وتعريتهم وسد الباب أمام دسائسهم.
خامساً: إظهار حالة الاحتضان الجماهيري في كل مكان حول قيادة المقاومة وحول طريق الكفاح في وجه الاحتلال، وأن من يمضي بهذا الطريق سيجد خلفه جموع أبناء شعبنا في عونه والالتفاف حوله.
سادساً: رسالة للكل السياسي الوطني أن حماس ستمضي بطريقها ولن يضيرها حصار أو مؤامرة هنا أو هناك، وأنها ستتحرك بمختلف الساحات حتى لو وضعت العراقيل في طريقها، وأن أياديها دوماً ممدودة لمن يحتاج العون، وستبقى جاهزة للعمل على ترتيب البيت الفلسطيني على أرضية المقاومة والثبات وتحصين المشروع الوطني انطلاقاً لفعل وطني جمعي يسعى للتحرر من الاحتلال.