وقعت "معارك عنيفة" السبت بين الانفصاليين الأرمن وقوات أذربيجان على معظم خط الجبهة في ناغورني قره باغ، مع تأكيد سلطات يريفان أن باكو أطلقت عملية هجومية كبيرة في اليوم السابع من بدء المواجهات.
وأعلن رئيس سلطات الإقليم الانفصالي أياريك هاروتيونيان للصحافيين أن "المعركة الأخيرة" على ناغورني قره باغ قد بدأت، مضيفاً فيما ارتدى الزي العسكري أنه سيتوجه إلى الجبهة للانضمام إلى القتال.
وأكدت من جهتها المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان على صفحتها في فيسبوك أن القوات الأرمنية الانفصالية "نجحت في وقف هجوم العدو إلى حد كبير"، متحدثةً عن "معارك عنيفة".
وأضافت أن "القوات الأرمنية أطلقت هجوماً مضاداً على إحدى نقاط الجبهة".
في الأثناء، أعلنت ارمينيا مقتل 51 مسلحاً انفصالياً أرمنياً إضافيين السبت، ما يرفع الحصيلة الرسمية للقتلى من كلا الجانبين إلى 242.
ولم تصدر منذ بدء المعارك الأحد سوى بيانات جزئية عن عدد الضحايا، إذ لا تعلن باكو خسائرها العسكرية.
في ستيباناكرت كبرى مدن الإقليم، التي قصفت الجمعة للمرة الأولى بالمدفعية الثقيلة، سُمعت أصوات انفجارات جديدة صباح السبت، بحسب مراسل لفرانس برس.
وروى نيلسون أداميان (65 عاما) لوكالة فرانس برس فيما كان السكان من حوله يهمون بإزالة الركام "خرجت من منزلي وبعد خمس أو عشر دقائق، وقع انفجار. لحسن الحظ لم يكن أحد في المنزل".
وفي هذا السياق، دعت خارجية الإقليم الانفصالي السبت المجتمع الدولي إلى "الاعتراف باستقلال" ناغورني قره باغ، معتبرةً ذلك "الآلية الوحيدة الناجعة لإعادة السلام".
وأعلن إقليم ناغورني قره باغ ذو الغالبية الأرمنية انفصاله عن أذربيجان في مطلع التسعينات ما أدى إلى حرب تسببت بسقوط 30 ألف قتيل. ولم يوقّع أي اتفاق سلام بين الطرفين بالرغم من أن الجبهة شبه مجمدة منذ ذلك الحين لكنها كانت تشهد مناوشات بين الحين والآخر.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الأرميني أرتسرون هوفانيسيان على فيسبوك "نشر العدو قوات معززة. جنودنا يظهرون مقاومة بطولية".
وأبدى رئيس سلطات ناغورني قره باغ القلق نفسه إذ صرح للصحافيين أن "الأمة والوطن الأم في خطر".
من جهته، كرر رئيس أذربيجان إلهام علييف الدعوة إلى انسحاب القوات الأرمنية من "الأراضي المحتلة" الأذربيجانية كـ"شرط مسبق" لوقف إطلاق النار.
وقال في مقابلة مع قناة الجزيرة "سنستعيد أراضينا، هذا حقنا الشرعي وهدفنا التاريخي".
وأضاف "لا نستطيع أن ننتظر 30 عاماً إضافياً (...) يجب أن تجري تسوية نزاع قره باغ الآن".
في المقابل، أعلن الجيش الأذربيجاني أن 19 قريةً أذربيجانية تعرضت لقصف القوات الأرمنية الانفصالية خلال الليل، وأكد أنه جرى اتخاذ "تدابير رد حازمة"، مشيراً خصوصاً إلى السيطرة على مواقع للانفصاليين.
ويعلن كل من المعسكرين عن انتصارات ينفيها الآخر ويفيد عن مقتل مئات الجنود من قوات العدو. فيؤكد الأرمن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف جندي أذربيجاني منذ اندلاع المعارك الأحد فيما تعلن باكو مقتل 2300 عسكري أرمني.
وتجاهل طرفا النزاع دعوات الأسرة الدولية لوقف إطلاق النار، وآخرها مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ"وقف فوري للأعمال العدائية".
ودعت كل من موسكو وواشنطن وباريس المعنية بالوساطة في النزاع، أكثر من مرة، إلى وقف لإطلاق النار.
ويثير الحديث عن إرسال مقاتلين موالين لتركيا، لا سيما سوريين، لدعم أذربيجان في القتال، القلق أيضاً.
وأنقرة حليف قوي لباكو، ولم يدع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلافاً للقادة الآخرين المعنيين بالنزاع، إلى وقف إطلاق نار، بل طالب برحيل الأرمن.
وبدون أن يذكر تركيا مباشرة، أعرب الرئيس التركي فلاديمير بوتين الجمعة عن "قلق بالغ" إزاء هذا الوضوع في مكالمة مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد في وقت سابق أن 300 مقاتل من "مجموعات جهادية" في سوريا، توجهوا إلى تركيا ومنها إلى أذربيجان، معتبرا أنه "تم تجاوز خط أحمر".
وبالرغم من نفي باكو، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل ما لا يقل عن 28 مسلحا سورياً موالين لأنقرة، يقاتلون مع القوات الأذربيجانية في ناغورني قره باغ، منذ بدء المواجهات مع الانفصاليين الأرمن.