تدفع التفاهمات الأخيرة بين حركتي فتح وحماس، إلى تفعيل المقاومة الشعبية بعد أن باتت هي الخيار الملائم لمواجهة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، في ظل الهرولة العربية نحو التطبيع والمتغيرات السياسية المتسارعة.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب إن اللجنة المركزية أقرت خلال اجتماعها الذي عقدته الخميس الماضي، برئاسة رئيس السلطة محمود عباس، تشكيل قيادة موحدة تتحمل مسؤولية العمل من أجل تطوير وتفعيل المقاومة الشعبية والفعاليات الوطنية في الوطن والشتات.
ويمكن القول إنه من المهم توفير غطاء سياسي وبيئة خصبة لتفعيل المقاومة الشعبية وخاصة في الضفة المحتلة، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول مدى إمكانية تحمل السلطة الفلسطينية تبعات تفعيل المقاومة الشعبية بمشاركة الكل الفلسطيني، وإلى أي حد يمكن أن توفر متطلبات هذا الأمر.
تسويق إعلامي
ويؤكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة، أن الحديث عن المقاومة الشعبية في الضفة لم يتجاوز "التسويق الإعلامي" فقط.
وأضاف خريشة في تصريح سابق لــ"الرسالة": "لم يتغير شيء ولا يوجد أي غطاء سياسي لانتفاضة شعبية"، مبينا أن "صدور البيان الأول يحتاج للفعل الأول وهذا لم يتحقق"، مشيرا إلى أن "من قاد المفاوضات والتنسيق لا يمكن أن يقاوم"، على حد تعبيره.
وذكر أن الانتفاضة الشعبية تحتاج لغطاء سياسي أولا ثم التفاف جماهيري وفعل شعبي، وهذا عمليا لم يتحقق، "فلا يزال هناك رهان من البعض على استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة".
ورأى أن هناك "غياب ثقة بين الناس والأشخاص الحاليين، وهذا يتطلب منهم استعادة هذه الثقة مع الجماهير أولا لأنها لا تؤمن بهم".
توظيف سياسي
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن المدقق في مسار الخطوات السياسية واللقاءات التي تعقد في تركيا بين الحركتين ومضي أسابيع على انعقاد لقاء الأمناء العامين لا يعطينا ثقة كبيرة بأن السلطة لديها جدية كاملة وإرادة نهائية في استعادة وحدة حقيقية قائمة على أسس واضحة.
ويوضح محيسن في حديثه لـ"الرسالة" أن هناك نوعا من التوظيف السياسي بمصطلحات عريضة لإغراء حركة حماس بأن هناك جدية؛ حتى تتخطى السلطة وفتح هذه المرحلة التي اغلق فيها المنافذ، لا سيما وأن الأخيرة تنتظر متغيرا جديدا يفكك جزءا من أزمتها سواء في الموقف الأمريكي أو (الإسرائيلي).
ويبين أنه ليس هناك جدية أو مؤشرا يدلل على أن السلطة في الضفة معنية في فتح آفاق التعاون المشترك في مواجهة تغولات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أن المقاومة وتفعيلها لا يحتاج لقرار وتنسيق وإنما يأتي كرد فعل.
ويتساءل محيسن: "هل المقاومة الشعبية تحتاج لقرار أو لجنة لترتبها في الميدان؟ وما هي متطلبات القيام بعملية مقاومة شعبية إذا أنت تحد من وتطارد المقاومين وتلاحق الشبان الثائر وتحاصر الكلمة في الضفة وهو سلوك لا يوحى بأن هناك جدية؟".
ويشير إلى أن الحديث عن إجراء الانتخابات ما هي إلا ورقة يتم استثمارها وقتيا حتى كسب الوقت والرهان على التبديل والتغيير في المحيط ليس أكثر.
احتواء
ويرى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن السلطة في الضفة حتى اللحظة لم تنجح في تفعيل وإعطاء الضوء الأخضر للمقاومة الشعبية بشكل عملي وواضح.
ويؤكد الغريب لـ"الرسالة" أنه حتى منذ الإعلان عن صفقة القرن ونقل السفارة الأمريكية للقدس، لم تخرج مسيرة شعبية بالمستوى المطلوب والسلطة لم تسمح بوصول المتظاهرين لنقاط التماس مع الاحتلال.
ويشير إلى أن كل ما يصدر من السلطة محاولة لاحتواء الرأي العام الفلسطيني، وهو لا ينم عن ايمانها حتى بتفعيل المقاومة الشعبية، كونها غير قادرة على دفع فاتورة تلك المقاومة، لا سيما وأن انطلاقها بإرادة الكل الفلسطيني والجماهير سيضاعف من الثمن والأعباء لدى السلطة.