في هذه الأيام تحتفل بعض بلدان العالم بيوم المعلم تكريما له على عطائه في مهنته الشاقة وما بذله من جهود في بناء الأجيال، واليوم نجد معلمين تجاوزوا السن التقاعدي ولايزال طلبتهم يتواصلون معهم أو يبحثون عنهم حتى لو بعد سنوات لشكرهم.
وكان ذلك جليا "للرسالة" حين نشرت قصة المعلمة الثمانينية إكرام الأسطل، والتي تهافتت بعدها وسائل الإعلام لنقل حكايتها والتقاط الصور لها، لتكون تلك المشاهد سببا في تواصل طلابها القدامى واسترجاع ذكريات 33 عاما قضتها المعلمة من عمرها في البحرين.
فبمجرد أن انتشرت صور المعلمة إكرام الأسطل -80 عاما- واخترقت حدود البحرين، حدث ما لم يكن متوقعا، حين اتصلت عبر الواتساب إحدى تلميذاتها البحرينيات تبكي قائلة "أريد أن احكي ويا السيدة إكرام أنا تلميذتها علمتني منذ 40 عاما".
سرعان ما علمت الأسطل باتصال تلميذاتها فبكت كثيرا حين عرفت أن على الخط الهاتفي صوت بحريني يود أن يشكرها ويطمئن على صحتها، طارت فرحا وتحدثت عبر الهاتف لتختلف لهجة السيدة الثمانينية فبدلا من أن تحكي بلهجتها الغزاوية راحت تتلفظ بعبارات ترحاب بحرينية، وبقيت ترسل القبل والأحضان من بعيد لها.
المتحدثة كانت "نهاد" تبلغ من العمر خمسين عاما ولديها أحفاد، إلا أنها مجرد أن لمحت معلمتها عدلت من جلستها وبدأت تبكي شوقا وتسترجع ذكرياتها مع "الأسطل" خاصة يوم زارتهم في بيتهم وتناولت السمك، ليعلق والد نهاد "اللي بياكل رأس السمك بحب البحرين".
بقيت التلميذة "نهاد" تنظر لمعلمتها وتسألها عن أحوالها، بينما الأسطل تنظر للشاشة وتسرح قليلا ثم تبكي شوقا لتلك الأيام وتردد على مسامع طالبتها "لازلت أتمتع بذاكرة قوية، وأحتفظ بدفاتر التحضير".
بعد عشرين دقيقة انتهت المكالمة لتتصل تلميذة أخرى أيضا تجاوزت الخمسين واسمها "أمينة"، فبمجرد أن لمحت وجه معلمتها الذي اختلف بخطوط الزمن "سألتها هل تذكريني أبلة؟ كنت أزورك في سكن المعلمات" هزت إكرام رأسها وسألتها عن المدرسات إن رحلن أو بقين.
اتصال آخر انتظرته الأسطل لسنوات كان من رفيقتها المعلمة البحرينية "نورة" تخلله لقاء مختلف عبر كاميرا الواتساب، استرجعت الصديقتان الذكريات وكيف كانت تفضل البحرينية "التبولة والقهوة العربية".
بعد دقائق قليلة استعرضت "نورة" حائط منزلها والذي علقت عليه خارطة فلسطين، وتحدثت عن حبها للفلسطينيين، لترد عليها المعلمة "محتفظة بخريطة البحرين وحبكم في قلبي".
من يعرف المعلمة "الأسطل" التي بقيت تدرس الأجيال من عام 1960 وحتى 2005 في غزة والبحرين يدرك جيدا شغفها بالعلم وتشجيعها للطالبات، ودليل ذلك تواصل تلميذاتها اللواتي كبرن وأصبحن جدات معها لدرجة أنهن يطرقن بابها دوما للاطمئنان عليها، وهذا دليل على تكريم معلمتهن التي أفنت سنوات عمرها وهي تعلمهن حل المعادلات الحسابية.