نتنياهو يمر بأصعب لحظات حياته السياسية؛ حيث أضافت له للاستطلاعات في الولايات المتحدة قلقا آخر فوق كوابيس أرق ما ينتظره من تحديات داخلية ؛ حيث تمنح استطلاعات البيت الأبيض لبايدن، ولربما يتفق المراقبون مع عاموس جلعاد الذي شن هجوما حادا على نتنياهو، مسخفا من المعارضة التي لم تنجح حتى اللحظة من إسقاطه على الرغم من الفواحش السياسية والأخطاء المنهجية التي وقع فيها.
لكن نتنياهو خبير في فهم نتائج الاستطلاعات وقراءة دلالاتها .
حتى أن ترمب الذي تخلى عن عظمة تفوق الولايات المتحدة وهيبة رئيسها عندما قدم خدمة مكثفة لنتنياهو من سياسات وقرارات اتخذها كان قد تحدث عنها نتنياهو في سياق رؤيته السياسية والأمنية للمنطقة .
ترمب نفذها بشكل مكثف تجاهل مشاعر حلفائه العرب والحرج الذي أوقعهم فيه عندما أراد من نتنياهو ردا جميلا في لحظة مقابل خدمة قدمها ترمب على مدار ولايته الأولى عندما قال له "جو بايدن نائم كسول لا يستطيع أن يحقق لكم ما قدمته ، متسائلا ؛ أليس كذلك يا نتنياهو؟"
فما كان لنتنياهو الغارق بمشاكل داخلية تحيط به من كل جانب الأولى أعصى وأعقد من التي تليها إلا أن يتنبه فجهر نتنياهو وهو ينظر إلى الهاتف الذي ينظر إليه ترمب مستسمحا إياه بالقول أن دولة الاحتلال تقدر المساعدات من أجل السلام والتي تأتي من أي شخص في الولايات المتحدة؛ حيث مصلحة نتنياهو حالت دون أن يمنح ترمب هذا الإنجاز، وأكد حقيقة أنه يكذب عليه كما يكذب على غيره عندما رجح مصالحه على مصالح ترمب الذي خدمه بشكل مفضوح ومعيب بحق امبراطورية تحكم العالم .
لقد نجح نتنياهو في الاختبارات السابقة والتي كانت تخضع لتوازنات وشد ورخي ، وتهربه من اختبار ترمب دون خجل أو وجل ، يظهر كم نتنياهو مؤمن بأن دهاءه ومكره الذي منحه القدرة على تجاوز الاختبارات السابقة يمنحه القدرة على تجاوز الامتحانات اللاحقة، لكنها أكثر تعقيدا هذه المرة وأشد تكثيفا ، فهي تحيط به عن يمينه وشماله ومن أمامه وخلفه، ومن فوقه وتحته؛ فشل مواجهة وباء كورونا، وإقرار الميزانية، وتجاوز نقل السلطة لجانتس، وصعود يمينا ومنافستها الليكود وبروز نجم رئيسها نفتالي بينت، والاحتجاجات والمظاهرات الضخمة المستمرة والأزمة الاقتصادية الطاحنة ، والبطالة المتفاقمة، والاستطلاعات المنخفضة التي لا تمنحه فوزا في أي انتخابات مستعجلة،
وملفات الفساد والمحاكم،
وتغير البيئة الداخلية والمحيطة للأسوأ في الشمال والجنوب والضفة،
وعجز إنجازه الاستراتيجي في مجال التطبيع عن تحويل الاهتمامات وتخفيض النفقات باتجاه الرفاه وتكريس قيم السلام ، حيث تفاقم التسليح والاستعداد للحروب والمواجهة القادمة.
نتنياهو أمام تحديات خطيرة وخيوط متعددة تحتاج للشد والرخي في كل ثانية لم تعد قضية أو اثنتين، إنما أزمات وتحديات مشاكل ومطبات، كل محطة أصعب من الأخرى، تشكل اختبار العمر وامتحان لاستمرار حياة ملك الملوك في البيت الثالث الذي كان قد تجاوز اختبارات وُصفت من المراقبين بأنها المحطات الأخيرة.
تجاوزها بثعلبية سياسية مراوغة قطفت رؤوسا واستمر واقفا على قدميه سائرا باتجاه طموحاته، فهل يستطيع نتنياهو هذه المرة تجاوز هذه التحديات والاختبارات كما نجح في تخطي التحديات السابقة ؟!