حاكى التدريب الكبير الذي أجراه الجيش الإسرائيلي تحت إشراف هيئة أركانه العامة، الأسبوع الحالي، حربا شاملة تبدأ عند الحدود مع لبنان، وقد تتسع إلى سورية وقطاع غزة، وحتى إيران والعراق والبحر الأحمر، ويهدف إلى فحص جهوزية الجيش لسيناريو كهذا.
وأشار المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، رون بن يشاي، اليوم الجمعة، إلى أن التدريب شمل الجبهة مع لبنان فقط، وبمشاركة كافة الأذرع العسكرية، الذين تدربوا على لجم هجوم بري مفاجئ من جانب حزب الله والتوغل إلى الأراضي الإسرائيلية القريبة من الحدود، يليه انطلاق سريع للطائرات الحربية الإسرائيلية من أجل تدمير وشل إمكانية إطلاق صواريخ ومقذوفات، وبضمنها صواريخ موجهة وطائرات مسيرة، تُطلق من عمق الأراضي اللبنانية باتجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وأضاف بن يشاي أنه في موازاة ذلك، تنفذ الفرقة العسكرية الإسرائيلية 162، والتي تضم خمسة ألوية عسكرية، اجتياحا بريا سريعا في الأراضي اللبنانية، بهدف شلّ نيران حزب الله القصيرة المدى، وتدمير منظومة حزب الله العسكرية داخل الأراضي اللبنانية. كما تدربت وحدات خاصة، بما فيها لواء الكوماندوز ولواء الأشباح المتعدد الأبعاد، على تنفيذ عمليات خاصة في لبنان.
وتابع بن يشاي أن التدريب جرى بموجب مفهوم تفعيل القوات الجديد في الحرب، الذي وضعته هيئة الأركان العامة بقيادة رئيسها، أفيف كوخافي. ويقضي هذا المفهوم بتنفيذ عمليات "هجومية وفتاكة، بحيث تتطلع إلى كشف دقيق لمكان العدو ونواياه، والوصول إليه وتعطيله بواسطة دمج بين الاستخبارات، النيران من الجو والبر والبحر، واجتياح بري".
والعنصر الثاني في المفهوم الجديد هو "تعاون متعدد الأذرع والأبعاد، بحيث تعمل قدرات كافة أذرع الجيش الإسرائيلي، وبضمنها السايبر والقتال الإلكتروني، بتعاون وتنسيق وثيق، من أجل الوصول إلى حسم بأقل ما يمكن من الوقت. الحد الأقصى من القوة العسكرية والحد الأقصى من الدقة".
ويقضي العنصر الثالث "باستخدام ناجع للتكنولوجيا، الأسلحة وأساليب جديدة، خاصة من أجل رصد وتشخيص العدو واستهدافه قبل أن يتمكن من العمل ضدك. والغاية هي الوصول إلى وضع يكون فيه لدى شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بنك أهداف جديد، فيه آلاف التفاصيل التي يتعين على سلاح الجو مهاجمتها بوتيرة سريعة جدا".
كورونا والأزمة الاقتصادية
واعتبر بن يشاي أن هذا المفهوم القتالي الجديد يستوجب استثمارا هائلا ليس بالقوى البشرية المدربة بأعداد كبيرة فقط، وإنما بتدريبات، تأهيلات وشراء أسلحة وعتاد حربي بالجملة. ولفت إلى أنه "يوجد نقص في جميع هذه الأمور، بسبب مرور سنتين بدون ميزانية حكومية منظمة في دولة إسرائيل، ولأن كورونا امتص كافة الاحتياطي المالي الذي بحوزة وزارة المالية ويقيد أنشطة الجيش تحسبا من تناقل العدوى".
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي وضع مؤخرا قوة الهجوم البري النظامي السريع في رأس أولوياته، وحوّل كافة الموارد الممكنة إلى تدريب وتسليح "الفرق الأمامية" ولمهام إنتاج أهداف في شعبة الاستخبارات العسكرية وتسليح سلاح الجو قتال السايبر.
وتابع بن يشاي أنه جرى مؤخرا تعديل الخطط العسكرية للحرب، "ولذلك بالإمكان التقدير أن القوة النظامية في الجيش الإسرائيلي مستعدة جيدا للقتال الآن، سواء كان الحديث عن أيام قتالية في جبهة واحدة أو حرب شاملة على عدة جبهات".
في المقابل، أشار بن يشاي إلى أن جهوزية قوات الاحتياط أقل بكثير، وذلك بسبب منع تناقل عدوى كورونا وخطوات ينفذها الجيش من أجل التوفير في الإنفاق وتحويل ميزانيات إلى تنفيذ مفهوم القتال الجديد. ورغم ذلك، شارك في التدريب آلاف جنود الاحتياط. والاعتقاد في الجيش الإسرائيلي هو "التخطيط العملاني للتطورات المختلفة يسمح للقوة النظامية لكافة الأذرع أن تخرج إلى حيز التنفيذ بسرعة وبنجاعة الخطط العسكرية الحيوية. والاحتياط يأتي بعد ذلك، بعد أن يمرّ بعملية تسلح وتدريبات إنعاش مختلفة".
وخلص بن يشاي إلى أنه خلال التدريب جرى اختبار القدرة الهجومية للجيش الإسرائيلية، "وهذه الحقيقة لا يمكنها أن تغطي على نقص الجهوزية في الجبهة الداخلية المدنية. فتحصين المباني والجهوزية لامتصاص ضربات صاروخية وجهوزية الطوارئ في مناطق كثيرة، وخاصة في الشمال، هي أقل من الحد الأدنى المطلوب".