السلطة تعلق المصالحة على نتائج الانتخابات الامريكية

الرسالة نت - شيماء مرزوق

انخفض سقف التوقعات والأجواء الإيجابية التي سادت بين حركتي فتح وحماس في الأسابيع القليلة الماضية، ضمن الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة، وبعد عدد من اللقاءات والخطوات أبرزها اجتماع الأمناء العامين ولقاءات إسطنبول بين الجانبين.

 وفي ذروة الحديث عن الاتفاق لإجراء انتخابات، شهدت الساحة الفلسطينية فتورا ملحوظا خاصة بعد تصريحات بعض قادة فتح مثل عزام الأحمد وروحي فتوح التي هاجمت حركة حماس ووصفتها بأنها غير جاهزة للمصالحة.

ويرجع البعض المماطلة في الخطوات المتفق عليها وأبرزها الاجتماع الثاني للأمناء العامين وإصدار مرسوم رئاسي حول الانتخابات، إلى حالة الترقب التي تعيشها قيادة السلطة الفلسطينية، حيث تضع عينها على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثالث من نوفمبر / تشرين الثاني المقبل، والتي ستحسم المنافسة على كرسي الرئاسة بين دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي جو بايدن.

بالنسبة للجانب الفلسطيني الرسمي فإن الانتخابات الامريكية المرتقبة قد تعيد تدوير المشهد السياسي والعالمي في حال سقوط ترمب الذي تعول عليه.

ولا يمكن إنكار أن الجانب الفلسطيني سيكون الأكثر تضررا في حال فاز ترامب بجولة رئاسية أخرى، فقد انتهج سياسة خارجية تتواءم مع المصالح الإسرائيلية، فاعترف في خطوة منفردة أواخر عام  2017 بالقدس الموحدة بشطريها الشرقي والغربي كعاصمة (لإسرائيل)، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وأوقف ترمب المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، بالإضافة إلى أن السلطة الفلسطينية تخشى من دعم أمريكي (لإسرائيل) لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والكتل الاستيطانية إلى السيادة (الإسرائيلية).

وتتأمل السلطة أن يساهم صعود بايدن في إعادة العلاقات الفلسطينية الأمريكية الي سابق عهدها، ما يدفعها للانتظار في ملف المصالحة لما بعد النتائج، خاصة وأن الوقائع تظهر أن لديها تقديرات بأن ترامب سيخسر الانتخابات وهو ما ترجمته عبر تصريحات لقادتها.

محمود العالول، نائب رئيس حركة (فتح)، صرح إن الأيام المقبلة ستشهد توديع الإدارة الأمريكية، "إدارة الرئيس ترامب".

وأضاف أن هذه الإدارة تحاول إنقاذ نفسها بالضغط على الدول العربية، وما يحصل حالياً من اتفاقات التطبيع، فضائح، وابتزاز، مشيراً إلى أن دولاً تعرضت لضغوط كبيرة، من أجل الذهاب لمسار التطبيع، على رأسها المملكة العربية السعودية.

من ناحية أخرى نفى أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب ان تكون السلطة تعلق آمالا على نتائج الانتخابات الامريكية أو أنها تماطل في المصالحة لهذا السبب، ما يعكس تناقضا واضحا في التصريحات والمواقف.

وليس سراً أن سياسة ترامب تجاه الفلسطينيين وفرض صفقة القرن واتفاقات التطبيع والقضاء على حل الدولتين كانت أحد أهم الأسباب التي دفعت السلطة نحو المصالحة، وربما يشكل فوز بايدن فرصة لعودة العلاقات الفلسطينية الامريكية لسابق عهدها.

وترى السلطة أنه في حال فوز ترامب فسيواصل دعم نتنياهو وخطة توسيع المستوطنات من أجل ضمها لاحقًا، لكنهم يتوقعون أنه إذا دخل بايدن البيت الأبيض، فسيعمل بطريقة دبلوماسية بين الفلسطينيين (والإسرائيليين)، الأمر الذي سيعطي المزيد من الوقت للقضية الفلسطينية.

وبالرغم من موقف بايدن الداعم (لإسرائيل) لكنه سيحاول انتهاج سياسة تصالحية مع الفلسطينيين وقد يتراجع عن بعض القرارات التي اتخذها ترمب مثل اغلاق مكتب المنظمة في واشنطن واستئناف المساعدات المالية، لكن القرارات الحاسمة التي اتخذها ترمب من الصعب ان يتراجع عنها بايدن خاصة قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فقد اتخذ في العام 1995، إلَّا أن الإدارات المتعاقبة جمدت تنفيذه، وكل ما فعله ترامب تنفيذ القانون، وإغلاق السفارة يحتاج إلى قانون آخر.

وكانت صحيفة لوس أنجليس تايمز قد كتبت أن جهود بايدن لإعادة المساعدات المباشرة إلى الفلسطينيين، في حال فوزه، لن تكون سهلة بسبب قانون تيلور فورس الذي أقر عام 2018 ويحظر وصول المساعدات الأمريكية إلى بعض المؤسسات الفلسطينية مادام أن السلطة تمنح رواتب لعائلات ذوي الشهداء.

الصحيفة الأمريكية لفتت إلى أنه سيكون من الأسهل لبايدن استئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي تدعم مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، والمستشفيات في الأجزاء التي يسيطر عليها الفلسطينيون من القدس الشرقية.

لذا فإن ضغوط إدارة ترمب التي أغلقت كل الأبواب في وجه السلطة ودفعتها نحو المصالحة، قد تتغير في حال فوز بايدن وبالتالي تعيد السلطة النظر في مسألة المصالحة والبحث من جديد في مساعي استئناف عملية السلام التي انتهت فعليا، خاصة أن الاحتلال حصل على كل ما يريد بفرض الأمر الواقع وليس لديه ما يتفاوض عليه

البث المباشر