تغزو الشبكات الخلوية الإسرائيلية الضفة الغربية حيث تسيطر على أجزاء من السوق الخلوي الفلسطيني ويتلقى مستخدمو شبكات الهاتف المحمول في عمق المدن الفلسطينية رسائل تفيد بتجوالهم على إحدى الشبكات الخلوية الإسرائيلية.
وخلال السنوات الماضية كثفت الشركات الخلوية الإسرائيلية انتشارها في المستوطنات والمناطق المصنفة "ج" من أراضي الضفة الغربية، مستفيدة من الجيلين الرابع والخامس من الاتصالات غير الممكنة في الأراضي المحتلة، لتعلن مؤخراً شركات الاتصال الإسرائيلية انها ستبدأ العمل بشكل رسمي في الضفة.
وكان وزير الاتصالات (الإسرائيلي)، أعلن عن منح وزارته شركة الاتصالات (الإسرائيلية) بيزيك ترخيصا للعمل بشكل كامل في الضفة الغربية في 19 أكتوبر الجاري.
القرار يبدو في ظاهره تقنيا واقتصاديا لكنه لا يخلو من الأبعاد السياسية لهذه الخطوة التي جاءت بعد سلسلة من الإجراءات في هذا الجانب، وصولاً للسيطرة الكاملة على السوق الخلوي في الضفة، وذلك يعكس عدة أمور:
أولاً: يعكس القرار خطوات التطبيق الفعلي لصفقة القرن التي تلتزم بها حكومة الاحتلال وباتت تتعامل مع أراضي الضفة على أنها أراضي إسرائيلية وتحت سيطرتها الكاملة.
ثانياً: إضعاف وجود السلطة الفلسطينية ومؤسساتها والشركات الفلسطينية التي تعمل بالتعاون معها، ودفع الشركات الفلسطينية إما نحو الخسارة او التعاون مع الجانب الإسرائيلي.
ثالثاً: على الصعيد الاقتصادي فإن غزو الشركات الإسرائيلية للسوق الفلسطيني سيكبد شركات الاتصالات الفلسطينية خسائر فادحة.
وقدر وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني اسحق سدر، إن حجم خسائر الشركات الفلسطينية خلال الـ 4 أعوام الماضية بلغت مليار و100 مليون دولار، جراء الانتهاكات الاسرائيلية بحق قطاع الاتصالات، فيما بلغت خسائر خزينة السلطة 400 مليون دولار كضرائب ورسوم.
وأضاف سدر خلال مؤتمر صحفي للحديث حول تلك الانتهاكات، بمدينة رام الله، الثلاثاء الماضي إن ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاك متواصل لقطاع الاتصالات الفلسطينية، وآخرها منح ترخيص لشركة "بيزك" لتقديم خدماتها في الضفة، مخالف للقوانين والشرائع الدولية، وسرقة وقرصنة للمصادر الفلسطينية.
رابعاً: يسعى الاحتلال لفرض سيطرة شركاته واضعاف الشركات الفلسطينية عبر سرقة قنوات الاتصال الفلسطينية ومنعها من استخدام الجيلين الرابع والخامس، حيث قال الوزير سدر إن الاحتلال يضع العوائق أمام الشركات الفلسطينية، من حيث إدخال التجهيزات اللازمة، وتعطيل تركيب الأبراج، وتمديد الشبكات ما بين المدن، وفي المقابل يسهل من عمل شركاته.
وبحسب بيانات وزارة الاتصالات فإن الاحتلال عمد إلى العديد من الإجراءات التي تعيق تطور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومنها قيام الشركات الإسرائيلية بالتغطية غير القانونية لكافة المناطق الفلسطينية، وتسويق خدمات الاتصالات الحديثة للمستخدم الفلسطيني.
وأصبحت هذه الشركات الإسرائيلية تسرق من الشركات الفلسطينية نسبة مشاركة في سوق الاتصالات الفلسطيني تتراوح ما بين (20-30%)، حسب تقارير البنك الدولي ومكتب الرباعية الدولية.
خامساً: يضع الاحتلال بهذا القرار الشركات الفلسطينية أمام منافسة غير متكافئة حيث أن جودة وأسعار الخدمة الإسرائيلية تتفوق على الفلسطينية، حيث أن سوق الاتصالات الفلسطيني يعاني من الاحتكار من الشركات الموجودة التي تقدم الخدمة بجودة متواضعة وأسعار مرتفعة ما يدفع المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية إلى استخدام الشبكات الإسرائيلية المتوفرة بجودة أعلى وسعر أقل.
وتعمل في السوق المحلية شركتا اتصالات خليوية، هما "جوال" و"أوريدو فلسطين"، تقدمان خدمات الاتصال اللاسلكي والجيل الثالث (3G)، وتلتزمان بقوانين العمل والاستثمار والشركات المعمول بها.
بينما تعمل في (إسرائيل) 8 شركات اتصال خلوي، وتقدم خدماتها في مناطق الضفة الغربية، رغم تشديدات تنفذها طواقم الضابطة الجمركية الفلسطينية ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وبحسب وثيقة جرى توزيعها على هامش أعمال مؤتمر "إكسبوتك فلسطين 2018"، أن الحصة السوقية لشركات الاتصالات الإسرائيلية في السوق الفلسطينية 17 %.
وأشارت الوثيقة إلى أن عدد الشرائح (بطاقات الهواتف) الإسرائيلية الفعالة في السوق الفلسطينية، يبلغ 600 ألف شريحة، متوقعةً أن يرتفع الرقم إلى مليون عام 2020.
ولا تقدم الشركات الإسرائيلية العاملة في السوق المحلية، أية التزامات مالية (ضرائب، رسوم) للخزينة الفلسطينية.
وترى الوثيقة أن الفلسطينيين الحاملين للشرائح الإسرائيلية، يدفعون 355 مليون شيكل (99 مليون دولار) سنويا، مقابل استخدامهم لها.