حينما تبدأ السير في طريق باب السلسلة، وعلى مقربة من الأسواق الأخرى، القريبة من المسجد الأقصى، سيقابلك خان السلطان على بعد عشرة أمتار تحديدا.
سمي بالسلطان نسبة الى السلطان الظاهر برقوق المملوكي الذي قام بتجديده في عام 1386/788.
والخان يتكون من طابقين، سفلي وعلوي، السفلي كان حظيرة لإقامة الدواب واستقبال البضائع الواردة للقدس من الارياف، بينما استخدم الطابق العلوي كنزل للزائرين والمسافرين من التجار والحجاج القادمين الى القدس.
ويذكر أن كل ما يأتي من ريع هذا الخان خصص لدعم مشاريع صيانة المسجد الاقصى، وقد بلغ هذا في القرن التاسع الهجري حوالي 400 دينار.
ويتذكر من يسكنون الخان حتى اليوم أنه كان بمثابة سوق للبضائع بالجملة، حيث تسعر وتوزع على تجار التجزئة قبل أن يتحول الطابق السفلي قبل قدوم الاحتلال الى مصانع للأحذية وتجارتها.
وتعتبر الأسواق والخانات القديمة في القدس هي الصورة الحقيقية للهوية القديمة للمدينة، والتي تعاني اليوم من اغلاقات متكررة وكساد ومنع من الترميم كما خان السلطان.
غرف الخان شارفت على السقوط، كما أنها غير مؤهلة للسكن، أو الاستخدام، كما انهارت الكثير من الأسواق بعد بناء الجدار، وتحولت لفنادق قديمة، هجرت الآن، مثل ما حدث في خان السلطان.
أسواق القدس جزء من حكاية المدينة المقاومة، والتي تعود لعهود قديمة تبدأ بالعهد الأموي، وما تلاها من عهود أشرفت على ترميم الأسواق لتظل هي الواجهة الحقيقية لاستقبال السياح في المدينة، وما زال ملاكها عربا حتى اليوم، وجميعها تقع داخل البلدة القديمة وأغلبها ملاصق لسور المسجد الأقصى.
وفي كل حجر من الحجارة التي بنيت فيها الخانات والأسواق ستجد بصمة عباسية، ثم مملوكية، ثم عثمانية، تحكي تاريخا إسلاميا طويلا تعاقب على تلك الحجارة وأعاد ترميمها لتبقى أبدية.
يؤكد خبير الاستيطان والخرائط، خليل تفكجي، أن تلك الأسواق ما زالت مملوكة للعرب، وقد تضررت بفعل المنع من الترميم والتجديد، لذلك فهي تقاوم لحاجتها الماسة للترميم والتجديد لتبقى لديها القدرة على الثبات في وجه الحملات الإسرائيلية المتتابعة.
وتعاني الأسواق اليوم من حملة إسرائيلية استغلت أزمة كورونا وقامت بإغلاق الحوانيت القديمة، ما أدى الى خسائر فادحة لأصحاب هذه الدكاكين.
وبالعودة إلى خان السلطان، فإن له قيمة ومكانة خاصة اليوم، فقد حوله المقدسيون إلى مساكن للمرابطين الذين يسكنهم اليقين بأن هذه الأرض لهم، وعليهم الدفاع عنها، بما فيها من أسواق أثرية رُسم على جدرانها تاريخ المدينة القديم، لذلك وجب على خان السلطان أن يبقى حيا للأبد.