يبدو أن ملف عملية "حد السيف" لم يغلق بعد، رغم مرور عامين كاملين على العملية التي شكلت علامة فارقة في تاريخ الصراع مع الاحتلال، وأسست لمرحلة جديدة من صراع الأدمغة.
ولعل حالات الاستقالة والإقالة التي طالت أغلب المسؤولين عن العملية في جيش الاحتلال بعد فشلهم، لم تكن من فراغ، حيث دفع الاحتلال ضريبة العملية، بعدما وصفت كتائب القسام ما حصلت عليه من معلومات وقتها بـ "الكنز الاستخباراتي والمعلوماتي".
وكانت وسائل الإعلام العبرية قد قالت بأن كتائب القسام لم تفصح عن كامل أسرار عملية "حد السيف" وهناك تخوف لدى استخبارات الاحتلال بأن يكشف القسام عن معلومات موجعة عن العملية، بعد عام على ذكراها.
وفي الحادي عشر من نوفمبر من العام 2018، تسللت قوة من نخبة جيش الاحتلال شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، واكتشفها أمن القسام وطاردها وتمكن من قتل قائدها وإصابة نائبه وفق اعتراف الاحتلال، في حين استشهد 7 من أبناء المقاومة الفلسطينية بعد أن تدخل الطيران الحربي (الإسرائيلي) وشكل حزاما ناريا كبيرا ساعد القوة في الإفلات من قبضة المقاومة.
إنجاز كبير..
بدوره، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي أن المقاومة الفلسطينية حققت إنجازا كبيرا خلال عملية "حد السيف" قبل عامين، مشيرا إلى أن أي حدث أمني يتم التعامل معه من قبل الأجهزة الأمنية بعدم الإعلان الكامل عن التفاصيل، "فتستفيد منها الجهة الأمنية في أوراق أخرى وتكشف عنها في الوقت الذي تراه مناسبا".
وقال الرفاتي: "حجم الإنجاز الذي حققته المقاومة من كشف القوة وقتل ضابط كبير وما تبعه من استقالات كثيرة في جيش الاحتلال وحالة الصدمة التي وقع بها الاحتلال وتخوفه من كشف معلومات إضافية يؤكد على أهمية اكتشاف هذه العملية وما شكلته من علامة فارقة في تاريخ الصراع مع الاحتلال".
وأضاف: "المقاومة وقت العملية أعلنت أنها وضعت يدها على كنز استخباري كبير ولم تكشف عنه، وباعتقادي أن الاحتلال يخشى من ذلك".
وكان أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، قال: "القسام سيطر على أجهزة تقنية ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة ظن العدو أنها تبخرت باستهدافه لمركبات ومعدات القوة ويجب على العدو وأجهزته الأمنية أن تقلق كثيرا، كون أن الكنز المعلوماتي الذي حصلنا عليه سيعطينا ميزة استراتيجية على صعيد صراع العقول مع الاحتلال".
وكانت وسائل الإعلام العبرية قد نشرت بعد مرور عشرة أشهر على العملية، نتائج تحقيقات هيئة الأركان (الإسرائيلية) حول فشل القوة الخاصة بغزة ، وجاء فيها اعتراف رئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي "بفشل العملية وعدم تنفيذ مهمة القوة"، معربا عن أسفه لمقتل قائد القوة الملقب "م".
وذكر التحقيق النهائي "أن العملية فشلت تماما، وهناك إخفاق عملياتي في إعداد وتنفيذ العملية، بالإضافة إلى سلوك تكتيكي خاطئ على الأرض، كما أنه لم يتم تعزيز القوة الخاصة حسب الحاجة، وكانت هناك ثغرات تكررت في مهام مماثلة، كما أن الأخطر هو أن القوة لم تكن على مستوى المهمة".
ويرى المختص في الشأن الأمني عبد الله العقاد أن عملية "حد السيف" مثلت نقلة نوعية في استراتيجية التعامل مع الاحتلال، "وأحدثت حالة من التخبط المستمر لديه حتى يومنا هذا".
وقال العقاد إن المقاومة ثبتت قواعد اشتباك مع الاحتلال أكبر مما كانت عليه قبل العملية، وحرقت الوحدة التي عملت في ساحات متعددة قبل ساحة غزة، "وبالتالي انتصرت المقاومة في صراع الأدمغة ضد الاحتلال"
وأشار إلى أن الاحتفاظ بالمعلومات يأتي ضمن إدارة المعركة وأنه يمكننا الاستفادة منها مستقبلا، "وإن كانت هناك معلومات عند المقاومة وأبقت عليها، فهي ترفض الإفصاح عنها لمصلحة لديها".
استقالات بالجملة
وحدثت جملة من الاستقالات في صفوف قادة الاحتلال، عقب الفشل الذريع في عملية "حد السيف"، ففي شهر يوليو/ تموز 2019 كشف "يديعوت أحرونوت" النقاب عن استقالة مسؤول كبير في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، على خلفية فشل عملية خانيونس جنوب قطاع غزة.
وقالت الصحيفة حينها، إن مسؤولا كبيرا يشغل "دور حساس للغاية" في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، قدم استقالته، على خلفية فشل عملية خانيونس، في نوفمبر2018 ومقتل قائدها وإصابة نائبه بعد انكشاف أمرها.
وقبله بشهور، قرر قائد وحدة هيئة الأركان الخاصة بجيش الاحتلال "سييرت متكال" الاستقالة من منصبه، في سابقة أولى في تاريخ الوحدة منذ 23 عاما.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" حينها أن قائد الوحدة الملقب بالرمز "ح" قرر إنهاء خدمته العسكرية والتفرغ للحياة المدنية، ويعد القائد الأول للوحدة على مدار 23 عاما الذي ينهي فترته المقررة في قيادة الوحدة.
كما قدم قائد قسم العمليات الخاصة بشعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش الإسرائيلي، والقائد السابق لوحدة سيرت متكال، العميد "ج" استقالته.
وكانت كتائب القسام قد كشفت في يناير 2019 ، عن تمكنها من كشف أفراد القوة بأسمائهم وصورهم وطبيعة مهماتهم والوحدة التي يعملون فيها، وأساليب عملها، ونشاطها الاستخباري والتخريبي في العديد من الساحات الأخرى".