حكايا التعذيب للأسرى الفلسطينيين داخل المعتقلات (الإسرائيلية) لا تنتهي، فدوما تبتكر دولة الاحتلال أساليب قمع وإذلال جديدة تطبقها على المعتقلين دون رادع رغم أنها تخالف الأعراف الدولية وحقوق الانسان.
وحتى الأسرى المرضى لم تشفع لهم أوجاعهم أمام المحاكم الإسرائيلية، فمنهم مريض السرطان ومن لا يقوى على الحركة أو من فقد سمعه وبصره ويصاحبه الكثير من الأمراض المزمنة، ومع ذلك تصر (إسرائيل) على الاحتفاظ بهم داخل الزنازين حتى الموت.
مطلع العام الجاري 2020 سجل وحده ارتقاء سبعة شهداء من الأسرى المرضى لقوا حتفهم داخل المعتقلات (الإسرائيلية) وآخرهم كمال أبو وعر، تاركا خلفه حوالي 1800 أسير مريض منهم قرابة الـ 700 بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل ومنهم مصابون بالسرطان وعشرات الأسرى الذين يعانون من إعاقات مختلفة.
كما تشير الإحصائيات إلى أن عدد الأسرى الذين ارتقوا شهداء داخل زنازين الاحتلال وصل إلى 226 أسيرا.
ويعاني بقية الأسرى المرضى من سياسة الإهمال الصحي رغم إصابتهم بأمراض مزمنة، كما أن العديد من المعتقلين المرضى يتنقلون من معتقل لآخر عبر كرسي متحرك، ومنهم من لا يقوى على الحركة نتيجة إصابتهم بالغضروف أو أمراض أخرى إلا أن (إسرائيل) لا تزال تتحفظ عليهم ضمن سياسة الردع والتعذيب "ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه بالمقاومة"، حسب اعتقادهم.
فيما يعتبر البعض تعذيب الأسرى المرضى وإهمال الملف الصحي يأتي ضمن سياسة "الإعدام" البطيء التي تنتهجها (إسرائيل) ضد المعتقلين في سجونها.
وخلال حديث الأسير المحرر أحمد الفليت "للرسالة" ذكر أن (إسرائيل) تاريخيا لم تفرج عن أي أسير مريض مهما كان وضعه الصحي، إلا إذا كانت تدرك أنه سيموت بعد أيام قليلة، مبينا أن هناك أسرى كان وضعهم مأساويا ولم تستجب (إسرائيل) للإفراج عنهم رغم الضغوط الدولية.
ويرى الفليت أن (إسرائيل) تتحفظ على الأسرى المرضى لاسيما من هم بوضع صحي حرج ضمن سياسة الردع، مشيرا إلى أن ملف الإهمال الطبي هو الأصعب داخل السجون مع الإضرابات لكن لا يوجد فيها أي تقدم ملموس رغم المفاوضات إلا أن الوضع يتفاقم ويزداد سوءا.
وعن الخطورة التي سيشكلها الأسير المريض حال الإفراج عنه كما تدعي (إسرائيل)، ذكر أن المعتقل لا يشكل خطرا على دولة الاحتلال، لكن الأخيرة تريد الانتقام لما قام به قبل اعتقاله وليكون رادعا لغيره.
وتطرق الفليت خلال حديثه إلى أن السلطة تتحمل مسئولية الأسرى المرضى داخل السجون، فهي حين انضمت إلى الأمم المتحدة ديسمبر 2011 كان لابد من استغلال ذلك من خلال وضع قضية الأسرى لاسيما المرضى أمام المحكمة الدولية باستغلالها للثغرات القانونية المتعلقة بالأسرى، لاسيما بأنه لا يحق لـ(إسرائيل) نقل الأسير إلى معتقل بعيدا عن بلدته، لافتا إلى أن 90% من الأسرى في سجون مقامة داخل الاراضي المحتلة.
ودعا الفصائل الفلسطينية إلى بذل الكثير من الجهود للإفراج عن مقاتليها داخل المعتقل، فلا يجوز أن يبقى المقاتل عشرات السنين داخل الاسر.
ويؤكد الفليت أن الاحتلال لا يحتاج لمبرر للقيام بجرائمه داخل المعتقلات، مشيرا إلى أن هناك جريمة أخرى تكون عند استشهاد الأسير داخل المعتقل وهي احتجاز جثمانه داخل مقابر الأرقام حتى ينهي محكوميته.
ووفق قوله فإن إصرار (إسرائيل) على بقاء الاسرى المرضى داخل المعتقلات يهدف إلى كي وعي المقاومة في الثقافة الفلسطينية من خلال تعذيب الأسرى وإهمال ملفهم الطبي.
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتلال كان في 2018 يريد إقرار قانون الإعدام لكن خوفه من تشويه صورته أمام العالم الغربي جعله يسلك نهجا آخر في الإعدام من خلال إهمال الملف الطبي للأسرى.
وكان البرلمان (الإسرائيلي) وافق في كانون الثاني/يناير في قراءة تمهيدية على مشروع قانون يسمح بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق "الإرهابيين" بغالبية 52 نائبا مقابل 49 (من أصل 120).
ولاتزال سلطات الاحتلال تحتفظ بأربعة جثامين للأسرى منهم فارس بارود ونصار طقاطقة وعزيز عويسات وأنيس دولة المحتجز جثمانه منذ 1980.