إذا كنت مواطنا مقدسيا فهذا يعني أنك مخنوق ومحشور بين قوانين إسرائيلية فرضت عليك الكثير من الضرائب، دون مراعاة لاختلاف الزمان، والأوضاع، ثم أتت أزمة كورونا لفرض المزيد من القمع، والعقوبات المالية، التي وجب عليك دفعها لتجد نفسك في النهاية مخنوقا بين الحياة والموت.
إذا اطلعت على معطيات وزارة الصحة الفلسطينية فيما يخص أعداد الإصابات بفايروس كورونا المستجد فقد حلت القدس الشرقية ثانيا، بعد محافظة الخليل في أعداد المصابين خلال الموجة الثانية من انتشار العدوى، التي بدأت في مطلع يونيو، بالإضافة إلى منع الطواقم التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية من الدخول الى القدس والمشاركة في تقديم أي علاجات لأهلها.
وفي سياق آخر، فرض الاحتلال مجموعة من القوانين والعقوبات والمخالفات على من يخالف قوانين الحجر الذي وضعه المحتل، ككلمة حق يراد بها باطل.
أمجد أبو عصب مدير المركز الصحي في القدس أكد في مكالمة مع الرسالة أن الإجراءات الصحية الإسرائيلية تقدم الى المقدسيين بالشكل المطلوب، ليس خوفا على صحتهم، وإنما خوفا على أنفسهم من المرض.
ويرى أبو عصب أن الخدمات الطبية استنزفت المواطن المقدسي الذي يدفع أضعافها ضرائب شهرية حتى لا يبقى في جيبه أي مال، مهما كان دخله مرتفعا.
ولكن التعامل الأخطر حسب رأي أبو عصب هو فرض المخالفات على أهالي القدس بحجة عدم الالتزام بإجراءات الوقاية من كورونا، فصاحب المتجر العربي الذي تدخل عليه الشرطة وتراه غير ملتزم بلبس الكمامة تفرض عليه مبلغا يصل عشرة آلاف شيكل، ولكن هذه المخالفات لا تطبق في حال كان صاحب المتجر يهوديا.
ويقول أبو عصب: المخالفات أرهقت كاهل المواطن المقدسي، وأصبح متخوفا من الخروج من منزله، وخاصة من يريد زيارة المسجد الأقصى أو الصلاة فيه، لأنه يخاف من ترصد الشرطي الإسرائيلي الذي قد يخالفه لأتفه الأسباب وبمبالغ باهظة، بينما إذا وصلت إلى شوارع يقطنها اليهود ستجد الحياة تمشي وفق وتيرة مريحة وحركات وتنقلات الناس شبه عادية.
يقول أبو عصب أن 23% من المخالفات منذ بداية الأزمة هي من شرق القدس فقط، وهي المساحة التي لا تشكل أكثر من 10%.
ويلفت إلى أن الغرامات معظمها لمواطنين أرادوا دخول الأقصى ومنعوا بحجة الخوف على صحتهم ومنع انتشار الفايروس.
ويؤكد أبو عصب على أن الاحتلال يريد أن يستنزف المقدسي: "هناك ضرائب يدفعها المقدسي لكل شيء منذ عام 95 ونحن ندفع ضرائب اجبارية للأملاك والمجاري وتحسين ملامح المدينة والأرنونا (السكن)، وحتى ضريبة الراديو والتلفزيون".
ويضيف:" يأتي الآن ويخالفنا بآلاف الشواكل، فهو يخالف مواطنا أراد الاحتفال بعيد ميلاد ابنه ويخالفه إذا اجتمع مع أربعة أصدقاء على مائدة الغداء، ويخالفه إذا لبس الكوفية، ويخالفه إذا زار صديقه الأسير، ويخالفه إذا صلى أمام باب منزله، ويستغل أي ثغرة للتضييق وفرض المخالفات واستنزاف المقدسي ماديا".
وعن منع مؤسسات السلطة الفلسطينية دخول القدس وتقديم مساعدات طبية واغاثية للمواطنين يضيف أبو عصب:" منعت السلطة منعا باتا، واعتقل الاحتلال كل من يحاول تقديم المساعدة، فقد اعتقل المحافظ، واعتقلت الطواقم التي تحاول أن توزع المعونات، كما اعتقل عددا كبيرا من أعضاء حركة فتح، وكل من يمد يد العون لأهالي القدس الشرقية يعتقل.