يعني باختصار قصة نائل البرغوثي في المعتقل، قصة بنمر عليها كلنا بهدوء، دون جلبة.
نائل كان شب بعمر 20 اليوم اتجاوز 63 وما زال في المعتقل .. نائل كانت عمر امه ابوه في منتصف الاربعينات ارتحلوا وظل منهم الذكر.
نائل عاش في زنزانه واحدة 6 سنوات، ورافقوا حرام 15 عام، والبوم صور 25 عام، وبكرج قهوة 17 عام.
نائل لف على أكثر من 80 زنزانه ما بنشاف منها لا قمر ولا نجوم.
نائل أكثر من 32 سنة ما مشى في الليل تحت القمر .. 20 سنة وهو يشوف الشمس مقطعة من وراء شبك.
نائل قعد 41 سنه ما أكل لحمة طازة، ولا مسك حبة جوافا، ولا مسك وردة، ولا لمس ايد طفل، ولا شرب شاي برمية خضرا.
نائل 41 سنة ما عرف ينام بشرط، ولا يمد حاله خلاوي، ولا يفكر بسوط عالي، ولا يطلع ريح لما بطنه يوجعه، ولا يخشم حبة بندورة مع راس بصل وخيارة بشكل كامل.
نائل 41 سنة ما أكل مسخن ولا سفيحة، ولا كنافة ولا كلاج ولا عرف القشطه، والمايا، والملوخية والسبانخ الخضرا.
نائل 41 سنة وهو يستقبل أسير ويودع أسير، يداوي مريض ويواسي تعبان .. نائل 41 سنة وهو يقول السنة الجاي بنروح، بنسلم على الأم .. ماتت، على الأب مات، الخال مات، العم مات، ابن الأخ استشهد ابن الأخ اتابد.
نائل 41 سنة وهو يسمع أخبار .. صارت انتفاضة، وقعوا مدريد، وقعوا أوسلوا، صارت اتتفاضة، وقفت الانتفاضة، صارت حرب وحرب وحرب، ولعت في لبنان، صار ربيع عربي، طبع العرب، أخذنا المقاصة، كله ونائل في نفس الزنزانة .. نائل في 41 سنة زاد الشعب الفلسطيني مليون نص، والأمة زادت نص مليار بني آدم.
نائل 41 سنة يبكي وما حد يشوفه لما يجيه خبر موجع ويضحك وينسر لما يجيه خبر مفرح .. نائل 41 سنة ما حمل هوية ولا عرف جواز سفر، ولا شاف جوجل ولا جميل ولا ياهو، نائل 41 سنة بشع كرامة وشرف وعظمة وإباء وصمود بس ما تعلم منه كثير من الذين يتحكمون.
*لا تمروا على نائل رقماً بل مروا عليه رمزاً صابرا محتسباً .. تبا لوطن لا يوجد لنائل باسمه دوار ولا طريق ولا مدرسة ولا مؤسسة.*
