مع اعلان السلطة عودة العلاقات مع (إسرائيل)، واستئناف التنسيق الأمني، اتجهت أنظار موظفي السلطة والبنوك إلى أموال المقاصة، ومصيرها بعد 6 شهور من رفض السلطة استلامها.
ومع تأكيد السلطة لاستلام المقاصة ضمن عودة العلاقات مع (إسرائيل)، إلا أنها لم تفصح بعد عن مصير مستحقات الموظفين وكيف يمكن التوفيق بين سداد القروض للبنوك وإعطاء الموظفين مستحقاتهم.
وتعتبر أموال المقاصة العمودي الفقري لمصاريف السلطة، وبدونها لن تستطيع الحكومة في رام الله الإيفاء برواتب موظفيها، حيث تشكل قرابة 65% من الميزانية الشهرية.
الأزمات قادمة!
بدوره، قال الباحث والخبير في قضايا الموازنة، مؤيد عفانة، إن إيرادات المقاصة غير المستلمة لدى (إسرائيل) تقدّر بحوالي 3.2 مليار شيكل.
وأوضح عفانة أن هناك استحقاقات والتزامات عديدة مرتبطة بعودة أموال المقاصة، وليس فقط مستحقات الموظفين، منها "قروض البنوك وقروض المؤسسات العامة الأخرى ومتأخرات القطاع الخاص وصافي الإقراض، لذا من غير المتوقع دفع كافة مستحقات الموظفين، وانما جدولتها".
وذكر أن انتهاء أزمة أموال المقاصة الحالية، لا يعني عدم وجود أزمة خلال السنوات المقبلة، فالمنظومة الاقتصادية القائمة تجعل من الانفكاك الاقتصادي عن (إسرائيل) هدف بعيد المنال، وما زال ارتباط الاقتصاد الفلسطيني بنظيره (الإسرائيلي) ارتباطا عضويا.
ولفت إلى أن مشكلة الاقتصاد الفلسطيني تتمثل في مدخلات المنتج الوطني والذي يأتي إما من (إسرائيل) أو عبرها، "وبالتالي تسقط في فخ المقاصة الذي يعتبر الوعاء الأكبر لإيرادات الموازنة العامة بنسبة 68% من الإيرادات تقريبا".
ودعا موظفي السلطة، لترشيد النفقات والاستعداد لجولات من أزمات المقاصة في السنوات المقبلة.
ولعل وصول السلطة للحد الأعلى من الاقتراض، دفعها للهرولة وراء إعادة أموال المقاصة، ففي أبريل الماضي، توصلت حكومة اشتية، إلى اتفاق مع سلطة النقد الفلسطينية والبنوك للحصول على قرض مجمع من مصارف محلية بمقدار 400 مليون دولار، لترتفع مديونيتها للجهاز المصرفي إلى نحو ملياري دولار حتى نهاية يوليو/ تموز الماضي
وبوصول الحكومة إلى هذا السقف من الاقتراض من البنوك، بات من الصعب الحصول على المزيد من القروض المصرفية، لتجد أموال المقاصة المآل الوحيد لأزمتها.
وخلال الشهور الست الماضية، تحملت البنوك الجزء الأكبر من عبء أزمتي المقاصة وكورونا، فإضافة إلى القروض المباشرة للحكومة، أجلت البنوك أقساط المقترضين منذ شهر مارس حتى نهاية العام الجاري، مقابل الحصول على فوائد من الحكومة والموظفين.
وبعيدا عن الدين الداخلي، فقد ارتفع الدين الخارجي أيضا من 1.2 مليار دولار نهاية 2019، إلى أكثر من 1.4 مليار دولار نهاية يوليو 2020.
وتجدر الإشارة أن إيرادات المقاصة هي أموال فلسطينية، يجبيها الاحتلال نيابة عنها، كضريبة على الصادرات والواردات الفلسطينية نظرا لسيطرة الاحتلال على المعابر البحرية والبرية الفلسطينية، وفق اتفاق باريس الاقتصادي.
وليست المرة الأولى التي ترفض فيها السلطة استلام أموال المقاصة، وتدخل في أزمة مالية، ثم سرعان ما تعاود استلام الأموال دون حلول للأسباب التي دفعتها لرفض الأموال.
وكانت (إسرائيل) قد اقتطعت عام 2018 الأموال التي تدفعها السلطة للأسرى وأهالي الشهداء من أموال المقاصة التي تحولها للسلطة شهريا، وهو ما أدى لرفض السلطة استلام أموال المقاصة منقوصة لسبعة شهور، بعد ذلك رضخت وعادت لاستلمتها بشروط الاحتلال.