بعيد أسابيع قليلة من إعلان دول عربية الانضمام لقطار التطبيع مع الاحتلال، تعود السلطة الفلسطينية لتفتح الباب الذي جعلته مواربا باستئناف العلاقة مع الاحتلال، لشرعنة ما كانت تنكره سابقا.
اعلان السلطة الفلسطينية عن عودة العلاقة، شكّل بوجهة نظر مراقبين تحدثت إليهم "الرسالة نت"، فرصة مواتية لتشجيع عملية التطبيع من جهة، وشرعنة ما تم من عمليات تطبيع من جهة ثانية.
جاء ذلك في إطار تسريبات إعلامية، حول إعادة السلطة لسفيريها في المنامة وأبو ظبي، بعد استدعائهما احتجاجا على خطوتهما إعلان التطبيع.
وكانت قيادات فتحاوية قد احتجّت على خطوة التطبيع بقولها إنّ هذا المسار يشكل طعنة في خاصرة الشعب الفلسطيني، لكن التهديد الحقيقي من وجهة نظرها وجود غطاء عربي كبديل عن السلطة في المباحثات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
الدكتور صالح النعامي المختص في الشأن الإسرائيلي، أكدّ أن هذا المسار هو تشجيع حقيقي لطريق التطبيع، كما أنه يمثل غطاءً لكل ما جرى سابقا.
وأيده د. هاني حبيب الباحث في الشأن السياسي، الذي نبه لتداعيات قرار استئناف العلاقة، على صعيد ما يمثله من تشجيع للدول المترددة بالتطبيع للإقدام عليه.
وكانت تقارير إعلامية قد أشارت إلى إمكانية انضمام السودان للتطبيع، كما تحدثت عن مجموعة من الدول ذات العلاقة.
الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية، أشار إلى تزامن قرار السلطة مع قدوم وفود رسمية عربية لزيارة الكيان من جهة، والزيارة المزمعة لبينامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان إلى دول عربية.
وكانت أبو ظبي قد قدمت دعوة رسمية لنتنياهو رئيس دولة الكيان، لزيارتها خلال الشهر المقبل.
هذا يعني أن ذلك سيحظي على دعم السلطة أو في أقل تقدير صمتها إزاء أي عملية انتقاد ممكنة له، وفقا للخطيب.
هنا يشير رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري، إلى مجموعة تناقضات في الموقف الرسمي للسلطة، "المسألة التي تشكل ارباكا في فهم الموقف من جهة، ويشير إلى تخبط من جهة ثانية.
يؤيده السياسي المصري محمد سيف الدولة، الذي لعب موقع مستشار الرئيس المصري السابق، إذ وصف الاجراء ابتداء بالخيانة، مضيفا: " هذا القرار يمثل طعنة في ظهر فلسطين لا تقل عن طعنات الامارات والبحرين حين اعترفوا بإسرائيل وطبعوا معها".
في ذات السياق، تشير شخصيات خليجية إلى أن موقف السلطة يتوائم مع المنظومة العربية الرسمية التي قررت طعن القضية، وانتقلت من موقع الرافض شكليا للإجراءات إلى المؤيد عمليا لها.
هنا، يؤكد المعارض السعودي علي هاشم أن موقف السلطة يأتي مباركًا لكل المسار ومشجعا ومؤيدا له.
وقال هاشم إن السلطة كانت في موضع اختبار أمام الشعوب، وفعلها السابق كان موضع شك، وقد أثبتت فعلا أن موقفها لم ولن يتغير عما قامت عليه من تفريط بالحقوق الفلسطينية.
وأوضح الوضع الحالي للسلطة لن يفتح لقيادتها أفق حقيقي مع الأنظمة المطبعة، خاصة وأنها قبل قطعها للعلاقة كانت على خلاف معها.
وكان الراحل صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قد قال إن الامارات توقف العلاقة مع السلطة منذ العام 2011م.
وتعزوا قيادات السلطة الموقف الاماراتي، نظرا لدعم أبو ظبي لمحمد دحلان القيادي المفصول من مركزية فتح.
ولعبت أبو ظبي إلى جانب دول الرباعية العربية، دورا للضغط على السلطة لإجراء مصالحة داخلية بين عباس ودحلان، ولم تنجح، وهو ما دفع لتوتير أجواء العلاقة أكثر وتأزمها بين الطرفين.
وهذا يعني أن مسار التطبيع غير المرتبط بالمصالحة الداخلية، لن يفتح افاق العلاقة مع هذه الأنظمة.