قالت صحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية إن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده أمس الجمعة قد لا يكون له تأثير كبير على البرنامج النووي الإيراني، الذي شارك في إنشائه، ولكنه سيجعل من الصعوبة بمكان إنقاذ الاتفاق النووي الذي يهدف إلى تقييد هذا البرنامج، وهو الدافع الأكثر منطقية وراء عملية الاغتيال.
وذكرت الصحيفة -في تقرير أعده محررها للشؤون الدولية جوليان برغر- أن هناك شبه إجماع على أن إسرائيل تقف خلف عملية الاغتيال، حيث تشير التقارير إلى أن الموساد كان وراء سلسلة اغتيالات لعلماء نوويين إيرانيين آخرين، وألمح مسؤولون إسرائيليون من حين لآخر إلى صحة تلك التقارير.
وإذا ثبت أن الموساد وراء اغتيال فخري زاده -كما يقول التقرير- فإن إسرائيل تكون استغلت الفرصة لتنفيذ العملية بضوء أخضر من رئيس أميركي، وليس هناك شك في أن دونالد ترامب، الذي يسعى للعب دور المفسد خلال الأسابيع الأخيرة من فترة حكمه، سيوافق على عملية الاغتيال، إن لم يساعد في تنفيذها.
وأشارت بعض التقارير الإخبارية مؤخرا إلى أن ترامب طلب تزويده بالخيارات العسكرية التي يمكن للولايات المتحدة اتخاذها ضد إيران بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن.
وأورد تقرير الصحيفة رأي دينا اسفندياري، الباحثة في مؤسسة القرن للأبحاث (Century Foundation)، حيث رأت أن إسرائيل لا يمكنها تنفيذ عملية الاغتيال من دون الحصول على الضوء الأخضر من واشنطن، موضحة أنه "في ما يتعلق بالدوافع، فأعتقد أنها لدفع إيران للقيام بعمل غبي لضمان تقييد يدي إدارة بايدن عندما تسعى لاستئناف المفاوضات ووقف التصعيد".
وأوضحت الصحيفة أن اغتيال العالم الإيراني يخدم غايات أخرى، وإن بدرجة أقل؛ فقد كان فخري زاده العالم النووي الإيراني الوحيد الذي ورد ذكره في التقييم النهائي للجانب العسكري للبرنامج النووي الإيراني الذي قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، باعتباره العقل الذي يقف وراء "مشروع عماد" الهادف إلى تطوير قدرة إيران على بناء قنبلة نووية.ووفقا لوكالة الطاقة الذرية، فإن "مشرع عماد" توقف عام 2003، لكن فخري زاده ظل ضمن شبكة من العلماء من ذوي المعرفة والخبرة في مجال الأسلحة النووية.
من جهتها، شبهت أريان طباطبائي -الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بصندوق مارشال الألماني، ومؤلفة كتاب عن إستراتيجية الأمن القومي الإيراني- اغتيال فخري زاده باغتيال الولايات المتحدة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مطلع العام الجاري.
وقالت طباطبائي إن "فخري زاده كان يمثل بالنسبة لبرنامج إيران النووي ما كان يمثله سليماني لشبكة وكلائها، فقد كان له دور فعال في تطويره (البرنامج النووي)، وإنشاء بنية تحتية لدعمه، وضمان أن موته لن يغير جذريا مسار البرنامج النووي الإيراني".
كما نقلت الصحيفة عن إيلي جيرانمايه، مسؤولة الشؤون السياسية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، القول إن "الهدف من قتله (فخري زاده) لم يكن إعاقة البرنامج النووي، ولكن تقويض الدبلوماسية".
واستبعدت أن يكون لاغتيال العالم النووي الإيراني البارز تأثير كبير على قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية إذا اتخذت طهران قرار القيام بذلك.