عاد الحديث عن مصير رواتب عوائل الشهداء والأسرى ليتصدر المشهد من جديد، لا سيما بعد تراجع السلطة الفلسطينية عن رفضها استلام أموال عوائد الضرائب "المقاصة" منقوصة واستئناف التنسيق والتعاون المدني والأمني مع (إسرائيل).
وخلال الأعوام القليلة الماضية ضغطت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على البنوك الفلسطينية والسلطة من أجل وقف صرف رواتب الشهداء والأسرى، الأمر الذي يهدد مصدر دخل الآلاف من ذوي الشهداء والأسرى.
وقررت (إسرائيل) في سبتمبر الماضي خصم 11.3 مليون دولار من عائدات الضرائب (المقاصة)، في إجراء عقابي على تخصيص السلطة الفلسطينية مستحقات للمعتقلين وعائلات الشهداء.
ومع بداية أيار/ مايو الماضي تفاجأت بعض عوائل الشهداء والأسرى في الضفة الغربية، بإغلاق بنوك محلية حساباتهم المصرفية دون إبداء الأسباب.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأت السلطة الفلسطينية بالبحث عن طرق جديدة لإيصال هذه الرواتب، والالتفاف على العقوبات الإسرائيلية، حتى أعلن رئيس حكومة رام الله محمد اشتية مؤخراً، عن نية حكومته إنشاء بنك أو مؤسسة مالية لهذه الغاية.
وكان وزير الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ أعلن مساء (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020) أن التنسيق الامني بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل) سيعود إلى ما كان عليه قبل 19 مايو/ أيار، حين أعلنت السلطة وقف هذا التنسيق رسمياً، واستئناف استلام أموال المقاصة.
ومع عودة استئناف السلطة الفلسطينية استلام عائدات الضرائب منقوصة، عاد التساؤل عن مصير رواتب عوائل الشهداء والأسرى؟
تحويلهم لموظفين
ويؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، أن هناك العديد من الضغوط الإسرائيلية والأمريكية والدولية تمارس على السلطة الفلسطينية من أجل وقف صرف رواتب الأسرى والمحررين وعوائل الشهداء.
وكشف فارس في حديثه لـ"الرسالة" عن وجود توجه بعد مطالب من الأسرى أنفسهم أن يتم دمجهم كموظفين عمومين وإحالتهم إلى الكادر الحكومي أو الأجهزة الأمنية من أجل التغلب على الضغوط التي تسعى لقطع رواتبهم.
وأضاف "هي خطوة جيدة وحل يمكن اعتماده كون أن الأسرى وعوائل الشهداء يجب أن يدمجوا بالوظيفة الحكومية وهذا أكثر أمانا لرواتبهم والتعامل معهم باعتبارهم شركاء في المؤسسة الحكومية".
واعتبر فارس أن أي اجراء لوقف صرف رواتبهم هو أمر غير مقبول مطلقا وهو من المحرمات ولا يمكن القبول بأي ضغط خارجي لوقف رواتبهم كونها قضية داخلية تخص الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن "هذه قضية إنسانية أخلاقية فلسطينية ولا علاقة لأحد بها كي يملي أوجه النفقات، مؤكدا أنهم لن يستجيبوا لأي ضغط من (إسرائيل) أو غيرها".
بنك خاص
من جانبها أكدت رئيس مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى انتصار الوزير، أن رواتب الشهداء والأسرى لن يتم المساس بها وهي مضمونة ومحفوظة ومكفولة لهم ولذويهم ونطمئن الجميع بأنه سيتم صرفها.
وأوضحت الوزير في حديثها لـ"الرسالة" أنه لا يوجد أي معلومات حول إمكانية استمرار اقطاع (إسرائيل) أموال الشهداء والأسرى من عائدات الضرائب حتى اللحظة.
وأكدت أن هناك توجها من السلطة لافتتاح بنك يختص بصرف رواتب عوائل الشهداء والأسرى باسم "الاستقلال"، من أجل التغلب وتجاوز الضغوطات التي تمارسها (إسرائيل) على البنوك الفلسطينية لعدم صرف رواتبهم.
وذكرت قناة (كان) العبرية أن (الكابينت) السياسي الأمني الإسرائيلي، سينعقد اليوم الأحد؛ لمناقشة تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية.
وأشارت القناة العبرية إلى أن الكابينت سيناقش تحويل 3 مليارات شيكل، للسلطة الفلسطينية، وإمكانية خصم قيمة ما تقوم السلطة بدفعه للأسرى وذوي الشهداء.
ومن المتوقع أن يوافق المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، (كابينت) خلال اجتماعه على خصم أكثر من 600 مليون شيكل من أموال الضرائب، التي تجمعها (إسرائيل) للسلطة الفلسطينية.
وأوضح المراسل السياسي لصحيفة "يسرائيل هيوم" ارئيل كهانا، عبر "تويتر": أن خصم هذه الأموال، يأتي مقابل رواتب دفعتها السلطة الفلسطينية للأسرى والشهداء وعائلاتهم، في عام 2019.
وقال: "يأتي القرار بعد اجتماعين تنسيقيين مع الفلسطينيين، حيث تم إبلاغهم بالاقتطاع المتوقع".
في السياق، علق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، على أنباء من (إسرائيل)، بشأن توقعات بخصم 600 مليون شيكل من أموال المقاصة.
وقال مجدلاني في تصريحات له: "لا نريد أن نستبق الأمور، غداً اجتماع للحكومة الإسرائيلية، وسيكون هناك قرار".
وأضاف: "لكن إذا حدث ذلك بالفعل، فيعني ذلك العودة لنقطة الصفر".