أجمع مؤتمرون على ضرر التطبيع على القضية الفلسطينية، مؤكدين أهمية مواجهته وتوحيد الشعب الفلسطيني للإسهام في ذلك.
جاء ذلك خلال ندوة إلكترونية نظمها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، مساء أمس الخميس، بعنوان "لتبقى فلسطين حاضرة"، أدارها الإعلامي أحمد الشيخ.
وشارك في الندوة الإلكترونية الدكتور الجامعي رامز طنبور من لبنان، والكاتب والباحث رجب صونكول، عضو مجلس إدارة اتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي (تركيا)، والمحامي طارق بوجمعة رئيس جمعية تونس الخيرية (تونس)، والصحفية والإعلامية وفاء العم من (البحرين).
وناقش المشاركون، دور المنظمات الأهلية في نصرة القضية الفلسطينية، وكيفية إبقاء البعد القانوني للقضية الفلسطينية حاضراً، والأخطار المترتبة نتيجة موجات التطبيع العربي على القضية الفلسطينية.
وحذرت الإعلامية البحرينية وفاء العم، من انقلاب المعادلة في الدول الخليجية من دعم فلسطين ومواجهة الاحتلال إلى التطبيع معه على حساب الشعب الفلسطيني.
ورأت أن ما يحدث الآن في منطقة الخليج من الهرولة للتطبيع، يعد "كشفاً للأمن الخليجي أمام إسرائيل، مما يشكل خطراً على دول الخليج".
وأكدت تمسك الشعب البحريني بالقضية الفلسطينية، وقالت: "لا يمكن أن يكون هناك جيل بحريني يقبل بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وما يسوق له أن التطبيع لمصلحة الشعوب غير صحيح، وهو لا يعبر عن إرادة الشعوب".
ونوهت العم إلى إطلاق حملة لمقاطعة أي شركة أو مؤسسة بحرينية تروج للبضائع الإسرائيلية.
أما المحامي طارق بوجمعة، فعدّ أن حالة القضية الفلسطينية في التدويل، تعتبر حالة فريدة من نوعها، لما لها من حضور خاص، وخصوصية على الساحة الدولية؛ باعتبار أن التدويل يكون عادة إما من حركات تدعو للاستقلال أو دولة قائمة تدعو لتدويل قضيتها، و"فلسطين لا هذه ولا تلك". وفق قول بوجمعة.
ورأى بوجمعة، أن الغاية من تدويل القضية الفلسطينية هو "الوصول إلى المرتبة في القانون الدولي، بأن تكون دولة قادرة على التوقيع على المواثيق والانضمام إلى المؤسسات الدولية ومخاطبة الدول بصفتها دولة".
وأشار بوجمعة إلى وجود إشكال كبير على المستوى الفلسطيني، أضر بنجاعة التدخل الدولي على مستوى لاعبين دوليين في القضية الفلسطينية، وقال: "هناك أشقاء أصبحوا فرقاء على الساحة الفلسطينية ضيقوا هامش المناورة على الساحة الدولية لصالح قضية فلسطين".
واعتبر بوجمعة أن "هناك خطأ سياسياً فلسطينياً على المستوى الاستراتيجي بتقييم الطرف المقابل في كيفية إدارة النزاع منذ 1993، وهناك خطأ للداخل الفلسطيني في قراءة القانون الدولي".
وعدّ بوجمعة التطبيع "طعنة وخيانة ممن كان يفترض أنهم أشقاء للشعب الفلسطيني".
أما الباحث رجب صونكول، فقال إن للمؤسسات الكبيرة، كالأمم المتحدة، دور في عرقلة حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه.
وشدد صونكول، على أهمية ودور مؤسسات المجتمع المدني ودورها في دعم القضية الفلسطينية، باعتبارها "الخلية الأساسية في إقناع الشعوب"، مما يجلب ويحشد الدعم لصالح فلسطين في تلك الدول.
ورأى صونكول، أن تأثير مؤسسات المجتمع المدني بات تأثيراً ضعيفاً، خاصة في الآونة الأخيرة، بسبب "الحملات التي تتعرض لها في محاولة لتجفيفها وتقليص حضورها، وخاصة ضد تلك التي تعمل لصالح القضية الفلسطينية"، داعياً لدعم هذه المؤسسات.
وقال: "ما يؤثر أيضاً على استمرارية عمل مؤسسات المجتمع المدني، هي مصيبة الانقسام الداخلي"، مما يضعف جهود المؤسسات لغياب الأرضية المشتركة في التعبير عن آمال الشعب الفلسطيني.
وأضاف "عندما يكون هناك توحيد للصفوف بين القوى الفلسطينية والتركيز على استراتيجية واضحة، والصمود أمام الاحتلال، آنذاك سيكون لهذه المسألة قوة، وستكون للقضية الفلسطينية قيمة".
وتابع "المؤسسات التي تعنى بالمشاريع الفلسطينية، تعاني مشاكل، ولكن نحن نعي ونفهم جيداً أنها معركة وجود لنا، وللأمة الإسلامية، ونحن لن نركع ولن نسكت وسنحرك المؤسسات بكل قوتها والإمكانيات المتواضعة".
وفي ظل وجود حالة من التغيب للجانب المعرفي بالقضية الفلسطينية لدى الأمة الإسلامية، دعا إلى "التركيز على فهم القضية الفلسطينية ومصطلحاتها وكيف بدأت ومشروعية هذا الحق، وإيصال رسالة الشعب الفلسطيني للعالم".
واختتم صونكول بالقول: "هذا الكيان قلق من وجود الشعب الفلسطيني ومن مشروعية القضية الفلسطينية ولن ينجح المشروع الصهيوني، مع صمودنا كأمة وصمود الشعب".
أما الأستاذ والمحاضر الجامعي، الدكتور رمزي طنبور، فأشار إلى أن "الانقسام الفلسطيني ليس ظاهرة مستقلة أو مرتبطة بحراك الاحتلال الإسرائيلي فقط، بل مرتبطة بوجود دور عربي لهذا الانقسام".
ورأى طنبور أن للشتات الفلسطيني دور وأهمية كبيرة، في دعم وإسناد قضيته، مضيفًا أن "الشتات ليس كمّاً عددياً، بل هو حراك بشري، مرتبط بكل أنواع التدفقات، سواء الأفكار أو الأموال والفعالية السياسية بكافة أبعادها إضافة إلى المتابعات والملاحقات القانونية والمساهمة في المنظمات الإنسانية".
وأضاف "الشتات شبكة مترامية الأطراف، لديه تأثير كبير في كافة المستويات، وحضور في دول مراكز صنع القرار، ومن خلال تفاعل هذه الشبكة، يمكن إبقاء القضية فاعلة لدى الرأي العالم العالمي".
وشدد طنبور، على أهمية "تنشيط الحركة المالية الداعمة للقضية من الشتات، إذ "لدينا في الشتات فلسطينيون أغنياء في الكثير من الدول، وهم يساهمون في عملية الحراك، ويمكن أن يشكلوا داعماً أساسياً على مستوى الاستثمارات والتدفقات المالية".
واستبعد طنبور، أن يكون الحضور الفلسطيني الداعم للقضية بالشتات، وكأنها عملية تكاملية أو تبعية، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة، على أن تكون "بشكل تنسيقي غير تكاملي، لنصل للحد المقبول من العلاقات المتوازنة بين المجموعات الفلسطينية في الخارج بالتنسيق مع الداخل".
ونوه إلى أهمية أن يأخذ ويحجز الشباب الفلسطيني في الشتات دوره، "فلهم دور مهم وهم طاقة الأمة، ومن يؤمّنون التحشيد والحراك وإبداء الرأي والصورة النموذجية لموقف الفلسطينيين في الخارج".
كما عرج طنبور، على الهرولة الحالية نحو التطبيع، بالقول: "التطبيع الحالي لا يسمى تطبيعاً هي اتفاقات، فالتطبيع يكون بين الشعوب، وهي اتفاقات مع أنظمة موجودة وحاكمة".
واختتم طنبور، مشاركته بالقول: "إن وجود الكيان الصهيوني وحضوره وتمدده هو مرهون بصمود الشعب الفلسطيني في الداخل، فهناك علاقة عكسية تماماً بين الوجود الصهيوني وبين الحضور الفلسطيني وصموده، والإعلام الصهيوني يتحدث عن مشكلة ديموغرافية وهم يهابون الوجود الفلسطيني داخل فلسطين".