أكد د. أحمد يوسف أبو حلبية، رئيس مؤسسة القدس الدولية في فلسطين أن عقد المؤتمر العلمي الرابع عشر بعنوان (التطبيع وأثره على مستقبل القدس) يأتي في هذه الأوقات والظروف الصعبة والمعقّدة التي تكتنف مدينة القدس، ودرتَها المسجد الأقصى المبارك.
وقال أبو حلبية في الكلمة الافتتاحية لمؤتمر القدس إن المسجد الأقصى المبارك يتعرّض كل يوم لانتهاكات وجرائم حرب صهيونية خطيرة حيث يواصل العدو الصهيوني عدوانه الغاشم عليه بالاقتحامات مرتين كل يوم، وتشجيع عشرات آلاف المغتصبين الصهاينة وقوى الأمن والمخابرات والجيش والشرطة الصهيونية لاقتحامه وتدنيس قدسيته وحرمته.
وأضاف أن الاحتلال يطارد المرابطين والمرابطات والمصلين فيه وملاحقتهم واعتقالهم وإبعادهم عنه، واستمرار الحفريات وإقامة الأنفاق أسفله وفي محيطه؛ مما أدى إلى حدوث انهيارات خطيرة في ساحاته وفي أسواره وفي المناطق المحيطة به، وكذلك منع الترميم فيه لما يحتاج لترميم والاعتداء المتواصل على مصلى باب الرحمة في الساحة الشرقية منه، وإحاطته بعشرات الكنس اليهودية والبؤر الاستيطانية الصهيونية.
شدد على أن العدو الصهيوني الغاشم - وما زال يستولي - على مئات آلاف الدونمات من أراضي أهلنا في القدس وفي الأغوار والضفة الفلسطينية بهدف ضمّها إلى ما يسمّى القدس الكبرى ، ليقيم عليها (20) مغتصبة صهيونية ، ويوسّع المغتصبات القائمة في شرقي القدس المحتلة منذ عام 1967م ، إضافة إلى (16) مغتصبة أخرى في غربي القدس المحتلة منذ عام 1948م ؛ ببناء عشرات آلاف الوحدات السكنية لإحلال مئات الآلاف من المغتصبين الصهاينة وإسكانهم فيها مكان أهلها المقدسيين.
وأكد أن إعلان العدو الصيهوني عن بناء نحو (35000) وحدة سكنية في هذا العام 2020م ، وكذا يقوم هذا العدو الصهيوني بهدم المئات من منازل أهلنا المقدسيين في قرى وأحياء بأكملها، بادعاءٍ زائف بنائها بدون ترخيص ، والاستيلاء على عقاراتهم ومنازلهم بزعم باطل أنّها مملوكة ليهود قبل عام 1948م ، مثل حي الشيخ جراح ، وحي بطن الهوى من بلدة سلوان ، وسحب عشرات آلاف الهويات المقدسية منهم.
وشدد على أن المحتل الصهيوني يهدف من ذلك إلى تهجير أهلنا المقدسيين، وترحيلهم خارج المدينة المقدسة ، كما يقوم هذا العدو باعتقال أكثر من (1820) من أهلنا المقدسيين في هذا العام 2020م.
وشدد على أن العدو الصهيوني يعتدي على كنائس الإخوة المسيحيين وأديرتهم في مدينة القدس بشتى طوائفهم ويستولي على أراضي هذه الكنائس وأوقافها، كما منع أكثر من مرة أهلنا المسيحيين من غزة من الذهاب للقدس والضفة الغربية للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد.
وأشار أبو حلبية إلى أن العدو يهدف من هذه الجرائم والانتهاكات إلى تهويد المدينة المقدسة، وطمس معالمها وآثارها الإسلامية والمسيحية، وتغيير هويتها وثقافتها العربية والإسلامية، واستحداث تاريخ يهودي مزيف بادعاء وجود المسجد الأقصى المبارك مكان الهيكل المزعوم .
لفت إلى أن هذه الانتهاكات الصهيونية تتسارع وتيرتُها بدعم أمريكي كامل ، كما تتزامن هذه الجرائم والاعتداءات الصهيونية مع هرولة العديد من الأنظمة العربية والإسلامية - للأسف الشديد - للتطبيع بجميع أشكاله مع الكيان الصهيوني بطريقة مخزية ومذلة كما فعلت دول الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، متخلّين بذلك عن النخوة والكرامة والواجب المطلوب منهم لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال الصهيوني ؛ ما يشجع هذا العدو على الاستمرار في عدوانه وانتهاكاته وجرائم حربه.
ونوه إلى أنه رُغم هذا العدوان الصهيوني المتواصل، والدعم الأمريكي الكامل له والتطبيع العربي والإسلامي المخزي معه، إلا أنّ شعبنا الفلسطيني، وأحرار العالم والشعوب والجماهير العربية والإسلامية يرفضون بقوة هذه المواقف والقرارات الأمريكية ، وهذا التطبيع العربي المخزي مع الكيان الصهيوني ، كما نطمئنكم على أن أهلنا في القدس بهباتهم وانتفاضاتهم ، وفي الأرض المحتلة منذ عام 1948م ، وفي الضفة الفلسطينية ، وبالمقاومة الباسلة بجميع أشكالها.
وطالب أبو حلبية بالاستمرار في هذا الصمود والتحدي، وفي هذه المقاومة الباسلة، لأنها هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض والمقدّسات ونيل الحقوق، وفي مقدمتها حقّ تقرير المصير لشعبنا الفلسطيني وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المباركة.
ودعا إلى إتمام المصالحة وإعادة الوفاق الوطني، حتى تتوحد الجهود جميعُها للحفاظ على ثوابت شعبنا الفلسطيني الصابر المرابط، وفي مواجهة وإنهاء مشروع الاحتلال الصهيوني، وإنهاء هرولة العرب والمسلمين المطبعين مع العدو.