مقام ومسجد النبي موسى في الضفة الغربية بات العنوان الأبرز للحديث الإعلامي خلال الأيام الماضية، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي نتيجة الحدث الذي ضجت به الأراضي الفلسطينية عقب تدنيس المسجد وإقامة حفل صاخب دون أدنى احترام لقدسية المكان وتاريخه.
وتحت وطأة الفضيحة التي تتحمل مسؤوليتها الحكومة الفلسطينية في رام الله وخاصة وزارتي السياحة والاوقاف كونهما المسؤولتين المباشرتين عن المسجد بصفته الأثرية التاريخية والدينية، أعلن محمد اشتية رئيس الحكومة تشكيل لجنة تحقيق فيما جرى في مقام النبي موسى على أن تبدأ أعمالها مباشرة، دون إبداء موقف محدد.
وقال اشتية في مستهل جلسة مجلس الوزراء صباح الإثنين، إن الحكومة سوف توقع كل العقوبات على الذين تسببوا في ما جرى من أحداث في مقام النبي موسى أول أمس.
ويبدو أن اشتيه يتوعد الجميع وينسى نفسه بصفته وزيراً للأوقاف التي في صلب مهامها الاشراف على المساجد ومتابعتها، وحاول التبرير قائلا: "المقام لم يكن مهملا بل رمم ورُتب بما يليق به ولذلك اوعزنا للجهات ذات العلاقة بتقديم كل عناية للحفاظ عليه موقعا دينيا وتاريخيا وأثريا".
حديث اشتيه يتناقض مع الواقع الذي ظهر جلياً خلال الحدث وبعده، فقد تهربت وزارتا السياحة والأوقاف من المسؤولية عن الحدث واتهمت السياحة الأوقاف بانها الجهة التي أعطت الموافقة على الحفل كونها المسؤولة عن الإشراف على المسجد والمقام الديني.
كما أن تبادل الاتهامات بين الوزارتين يؤكد أن الامر لم يكن مصادفة او أنه جرى تضليل أي منهما وانما هناك حدث معلن عنه مسبقاً واتخذ كل الإجراءات الإدارية اللازمة التي مرت بالوزارتين وحصل على اذن وتصريح واضح بالموافقة.
وفيما يبدو أن إعطاء السلطة إذنا لحفلات راقصة داخل المسجد يؤسس لعمل منهجي ضد المساجد، كما ان ما جرى هو جزء مما يجري داخل المسجد باستمرار وليس عملا طارئا أو لمرة واحدة وهذا ما تؤكده الوقائع والتي أظهرت وجود اثاث وغرف للنوم والتي قال البعض أنها تستخدم للدعارة.
الأخطر أن مقاما ومسجدا بوزن "النبي موسى" لا توجد له رعاية ولا حراسات أو موظفون للإشراف عليه.
خطورة الحدث لا تتوقف عند هذا الحد فهو يعطي ذريعة للاحتلال بمصادرة المساجد والأماكن الدينية بحجة ان الفلسطينيين لا يدركون قيمة هذه الأماكن ولا يقومون برعايتها وبالتالي من حق الاحتلال ان يقوم بالمهمة.
هناك منهجية واضحة لنزع المكان من حاضنته الإسلامية وهي عملية تخدم الاحتلال الذي يخوض حربا دينية لا هوادة فيها ضد الفلسطينيين، وفي الوقت الذي يؤسس المستوطنون دولة دينية يهودية على مقامات المسلمين واماكنهم المقدسة في الضفة الغربية يتم تدنيس المساجد ونزعها من حاضنتها الإسلامية.
والاغرب ان الاعتداء جاء في ظل جائحة كورونا التي تفرض فيها الحكومة الاغلاق على المساجد وتمنع الدخول اليها وممارسة الشعائر الدينية بحجة التباعد الاجتماعي في حين تعطي تصريحا لحفلة في مسجد دون أي اعتبار للتباعد الاجتماعي هناك.
ويعد مقام النبي موسى (ع) من أهم المقامات في فلسطين بسبب ضخامة بنائه وشهرته الواسعة، وكان من أهم أسباب بنائه هو إظهار إسلامية صحراء القدس، فيما بُنيّ المقام في الصحراء (الممتدة من البحر الميت) التي اشتهرت بوجود أديرة للنصارى.