بقلم / وصفي شهوان
أكاد أجزم أن كل بيت يقطنه رياضي في الوطن لا يخلو من تلفاز، إلا فيما ندر، وذلك أعتبره هنا "حسنة" بل ولا أحسبه من السلبيات مطلقاً خاصة وأجهزتنا المتلفزة تسبح في مدارات الأقمار الصناعية كما الإلكترونات حول النواة، وعلى كثرة القنوات الفضائية الرياضية، العربية منها والأجنبية، التي تضخ برامجها ليلاً لتبدأ إعادتها نهاراً أصبح من المعيب الرضا بأن يكون رياضيونا موسومين بكونهم ذوو احتياجات خاصة في العلوم الرياضية والثقافات الكروية.
عصر الاحتراف ودوري المحترفين والسعي نحو تطوير الرياضة الفلسطينية أمور تتطلب ألا يتموضع رياضيونا أمام شاشات التلفاز كـ " أباريق الجامع" يسمعون ولا يعون، تتحرك في رؤوسهم العيون ولكن لا يدركون، فالقنوات الفضائية جلبت واين روني إلى أبوظبي، وليونيل ميسي إلى قطر، علاوة على أن البرامج المتنوعة هائلة العدد التي تعرضها القنوات الرياضية، أو العادية في برامجها الكروية، تستضيف خيرة خبراء المجال وتقدم بـ "المجان" خبرة أجيال وأجيال، فهذا يحلل وذاك يدلل وآخر يعلل وغيرهم بالتعليق يهلل.
المطلوب من رياضيينا عند التحلق حول برامج التلفزة الرياضية أمر ذو شقين؛ الأول يتعلق بالمدربين بفهمهم لشرح أساليب التدريب وخطط اللعب وفنون الانتقاء وأصول التبديل وغيرها من الأمور الفنية المتعلقة بـ "تكتيك" اللقاءات بالإضافة إلى امتلاك موهبة المعالجة النفسية للاعبين، أما الأمر الثاني فيتعلق باللاعبين أنفسهم بالقراءة الحقيقية لما يدور خلال المبارايات، واستيعاب مخرجات ساعات طوال من النقد والرصد، والقدرة على التحكم في الذات في حال الفوز بـ "تهذيب" الاحتفال أو الخسارة بـ "تقنين" الاستياء، مع التأكيد والتشديد وإيقاد نار الوعيد لكل من تسول له نفسه بالتعدي على قضاة الملاعب أو زملاء "الكار" الواحد.
دقّت كلمات، أحسب ناقلها عن لسان قائلها من الصادقين، مسمار الغرابة في رأسي بخصوص أحد لاعبي أندية الوطن يعسكر مع منتخبنا الأولمبي تتردد أنباء عن وصول عرض إماراتي لضمه، ما يثير الدهشة فعلاً يتمثل في رد مسئول النادي الذي قال (إن إن ناديه لا يعارض من حيث المبدأ انتقال اللاعب للعب في الدوري الإماراتي، لكن شريطة وجود عرض مناسب للاعب وللنادي) وأنا فعلاً أتعجب من "الاشتراط" حتى لو لم تكن لدينا أية مطالب، وأقولها لجميع رؤساء الأندية والمتنفذين فيها بدلاً من حفر قبر مشروع لاعب محترف بمعول اشتراطاتنا كنت أتمنى أن يكون التعاون مطلقاً والتيسير مقدماً والتفاؤل معمماً وخطاب الترحاب مغلًباً، ولو كنت شخصياً رئيس ناد فلسطيني وسمعت بإعجاب أي ناد خارج الحدود بلاعب لدي فسأقوم بتحميله على أول طائرة إلى ذلك النادي، ليس تقليلاً من شأن أي لاعب فلسطيني كلا البتة، بل لأنها فرص عظيمة لا يجب أن نحطم الحالمين بها تحت مطرقة الاشتراطات والإملاءات والرسميات الخائبة التي تقتل طموح لاعبينا في مهده.
تم فرض 2 شيكل قيمة تذكرة دخول المباراة الافتتاحية للدوري الغزّي، ولا أعلم إن كانت هذه الخطوة ستشجع الجمهور على شغر مقاعد الملاعب في الجولات القادمة، وحين يعلل المسئولون بأن هذا الرسم فرض لصالح دعم الأندية والتجهيزات الفنية في الملاعب وخلق ثقافة "الدفع" لدى الجمهور التي كانت حصيلتها 1480 شيكل بحسب ما نشر على لسان إسماعيل مطر عضو الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم فإن تجهيز الأندية ودعمها يكون على عاتق الدولة والاتحاد وليس الشعب المجوّع.
ما أنا على يقين منه أن سياسة الدفع تكون في مجتمع متحضر تتوفر فيه الحياة الكريمة والدخل المتوسط وليس في بلد يحاصر ويقصف ويدمر، ولا أدري فعلاً إذا كانت المباراة الافتتاحية قد جلبت هذا المبلغ الزهيد فكيف سيتم تطوير الرياضة الفلسطينية خلال مراحل الدوري العام الحالي خاصة مع تناقص الاهتمام بالحضور للملاعب مع تعاظم الاحساس بأهمية الـ 2 شيكل، افتحوا بالمجان أبواب الملاعب ولا تجلبوا لشعبكم مزيداً من المتاعب.