غزة - فايز أيوب الشيخ- الرسالة نت
لم يطرأ على الأرض ما يُبشر بإمكانية حدوث اختراق ايجابي يمهد لتطبيق المصالحة الوطنية، فعلى الصعيد الأمني ، صعدت أجهزة "سلطة فتح" من ممارساتها القمعية وواصلت حملات الملاحقة والاعتقال على خلفية الانتماء السياسي، في حين كثفت من الاجتماعات بقادة الاحتلال لتعزيز التنسيق الأمني ومحاربة المقاومة.
وسجل شهر أكتوبر الماضي اعتقال "أجهزة فتح" لـ 163 مواطناً من بينهم 74 أسيراً محرراً من سجون الاحتلال، موزعين على عدد من مدن وقرى الضفة المحتلة، كما حولت 40 معتقلاً للمحاكمة العسكرية، حسب تقرير أصدرته حركة حماس.
عزام الأحمد رئيس وفد حركة فتح للحوار، لم يعقب على التقرير ورفض ماورد فيه جملة وتفصيلاً، وقال"أنا لست مع التقارير والبيانات التي يمكن أن تؤدي إلى تعكير أجواء المصالحة".
وأضاف في حديث مقتضب لـ"الرسالة نت"، أنه فور التوقيع على المصالحة سيتم الإفراج عن المعتقلين، لافتا الى أن الضمانات لا تكون منه شخصياً بل من الجهة الراعية للحوار وهي القاهرة التي يفترض أنها ستراقب التنفيذ على الأرض سواء في غزة أو الضفة، على حد تعبيره.
إجراءات تبادلية
من جانبه حذر أمين سر المجلس التشريعي د. محمود الرمحي، من أن ما تقوم به "أجهزة فتح" في الضفة الغربية ينذر بحالة أسوأ بعد التوقيع على المصالحة، مشيراً إلى أن التوقعات كانت بأن تخف وتيرة الإجراءات القمعية والاعتقالات في ظل الحديث عن المصالحة، ولكنها جاءت بصورة عكسية وتضاعفت في شهر أكتوبر الماضي ولم تختلف عن الأشهر السابقة.
وأوضح في حديثه لـ"الرسالة نت"، أن حملة الاعتقالات طالت نحو 600 معتقل من أبناء حماس ومؤيديها ومناصريها، موزعين في سجون السلطة، لافتاً أن الكثير من الذين اعتقلوا تكرر اعتقالهم في مرات عديدة ويعذبون في السجون دون التحقيق معهم في أية قضايا تذكر.
وشدد الرمحي على أنه "إذا لم يتم الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية بمجرد التوقيع على المصالحة فإنه لن تكون هناك إجراءات تبادلية تتعلق بحركة فتح في قطاع غزة"، مشيرا الى أن اللقاء الأخير الذي جمع وفدي حماس وفتح بدمشق تم خلاله الاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين فور التوقيع على المصالحة وذلك وفق ما جاء في الورقة المصرية، علماً بأنه لا يوجد أي معتقل سياسي في سجون غزة.
وينص البند السادس الأخير في الورقة على تحريم الاعتقال على خلفية الانتماء السياسي أو دون إجراءات قضائية، ويضع آليات لحله تفضي إلى إطلاق المعتقلين في الضفة وغزة مع تسليم مصر قائمة تتضمن من يتعذر الإفراج عنهم.
القرار ليس بيد فتح
وعبر الرمحي عن خشيته من خطورة أن يكون من داخل "أجهزة فتح" من لا يلتزمون بقرار قيادة فتح إذا ما تمت المصالحة ولا يمهدون الأجواء المناسبة للمصالحة، معرباً عن اعتقاده بأن الاعتقالات التي تمت في أكتوبر الماضي تحديداً كانت موجهة إلى المصالحة و تريد إفشالها.
وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن قيادة "أجهزة فتح" في الضفة الغربية أبلغت وفد فتح للحوار أنها لن تقبل بأي تعديلات جوهرية على بنيتها في حال التوصل إلى اتفاق مصالحة بين الحركتين، كما ذكرت "الشرق الأوسط" أن مصر أبلغت السلطة بموقفها الرافض بأن تتولى عناصر من حماس قيادة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد إتمام المصالحة الفلسطينية الداخلية.
محاكم عسكرية باطلة
ولم تتوقف ممارسات "أجهزة فتح"عند هذا الحد فحسب، بل مارست فنون التعذيب الجسدي والنفسي داخل أقبية سجونها، مما عرض حياة المختطفين للخطر، الذي غالباً يقود إلى الموت البطيء أو إلى تفشي الأمراض المزمنة.
وفي ذات السياق، انتقد رئيس لجنة صياغة الدستور ووزير العدل سابقاً، الدكتور أحمد الخالدي، بشدة إخضاع "سلطة فتح" المعتقلين السياسيين بالقوة للمحاكم العسكرية والمدنية، مؤكداً عدم شرعية وقانونية المحاكمات التي تجريها السلطة بحق معتقلي فصائل المقاومة الفلسطينية.
وأرجع الخالدي في حديثه لـ"الرسالة نت" إجراءات "سلطة فتح" المخالفة للقانون الأساسي إلى "مرسوم رئاسي صدر في العام 2007 يُجرم تنظيم حركة حماس ومن ينتمي إليها"، لافتاً إلى أنه بناءً على هذا المرسوم تحيل السلطة المعتقلين السياسيين إلى محاكم عسكرية تحولت اليوم إلى محاكم مدنية.
وشدد الخالدي على أن القوانين والأحكام الصادرة من قبل المحاكم العسكرية والمدنية في هذا الإطار" غير قانونية وتطبق بحكم الأمر الواقع وفاقدة الشرعية الدستورية".
وأعرب عن أسفه لعدم قدرة خبراء القانون والنواب المستقلين من فعل شئ يرقى إلى مسئولياتهم الوطنية في حفظ القانون الفلسطيني والدستور، حسب تعبيره.
حملة جريئة
ورغم كل ما يعانيه أهالي الضفة الغربية، فقد قابلوا تصعيد "أجهزة فتح" برفض الاستجابة للإستدعاءات اليومية التي تأتي للكثير من الشباب والنساء، وذلك من خلال إطلاق الرابطة الالكترونية للشباب المسلم في الضفة حملة من أجل رفض الخضوع للإستدعاءات.
وتأتي هذه الحملة في ظل تصاعد استخدام "أجهزة فتح" للاستدعاء كسلاح يعطل الحياة اليومية لأنصار حركة حماس وسلاح نفسي لتحطيم معنوياتهم، فضلاً عن بث جو الرعب والخوف في المجتمع الفلسطيني.
وطالبت الرابطة بوقف الاستجابة لطلبات الاستدعاء، وطلبت رفع شعار "من أرادني فليأت لاعتقالي" في إشارة لرفض الذهاب الطوعي إلى الاستدعاء ومقرات الأجهزة ، مشيرة إلى أن الاعتقال يبقى أقل سوءًا من الذهاب المستمر إلى الاستدعاءات، وتساءلت "ما الفرق بين دوامك اليومي في الجهاز الأمني عن الاعتقال؟ بل إن الاعتقال أخف ضرراً وأسهل من أسلوب الاستدعاء والعذاب اليومي".