مع عقدة الهزيمة، وفي ظل الانشقاقات والخلافات الكبيرة التي تعصف بحركة فتح تأتي الانتخابات التشريعية الفلسطينية المزمع عقدها في مايو المقبل.
ومع بداية الحديث عن القائمة والمرشحين، بدأت تعلو أصوات الصراعات التي يبدو أن محاولات لملمتها ستكون مهمة صعبة للغاية.
ومنذ أسابيع تشهد أروقة الحركة اجتماعات مكثفة بهدف الإعداد للانتخابات، كان آخرها جلسة المجلس الثوري للحركة في محاولة للبحث في اعتماد معايير وآليات تشكيل قائمة الحركة في الانتخابات التي ستجري للمرة الأولى وفق القانون النسبي على مستوى الأراضي الفلسطينية.
وقد كانت جلسة عاصفة وفق ما تسرب عنها، حيث وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس عبارات حاسمة وقاسية، وتوعد كوادر الحركة بإجراءات قاسية في حال الانضمام إلى قوائم غير قائمتها.
كما صدرت توجيهات باستبعاد قادة فتح الحاليين والسابقين وأعضاء اللجنة المركزية وأعضاء المجلس التشريعي، إضافة إلى كل المسؤولين الحاليين والسابقين من قائمة حركة فتح الانتخابية.
ويبدو أن الأيام المقبلة ستكشف عن مصير العديد من السيناريوهات التي قد تجري حول مشاركة فتح وتياراتها في الانتخابات.
السيناريو الأول: قائمة موحدة: وهو سيناريو تبدو فرصته ضعيفة على ضوء حالة الصراع والخلافات التي تعصف بالحركة منذ سنوات، والتي يرى البعض أنها فرصة يجب استثمارها للحد من نفوذ المحيطين بعباس خاصة التيار الأمني المتمثل برئيس المخابرات ماجد فرج ورئيس هيئة الشؤون المدنية حسين الشيخ.
السيناريو الثاني: فتح عباس وفتح البرغوثي: سيناريو قائم لكن يعطله حجم الخلافات بين الطرفين طوال السنوات الماضية، والتي تمكن خلالها أبو مازن من تحجيم دور البرغوثي حتى ازاحته من عضوية اللجنة المركزية لفتح والتنفيذية للمنظمة ومحاصرة جميع المقربين منه داخل دوائر الحركة.
لكن البرغوثي الذي يرى فيه البعض الحصان الرابح لدى حركة فتح سيحاول أن يفرض رؤيته وشروطه للقبول بالمشاركة في قائمة واحدة مع فتح، وإلا فإن فرص تشكيله قائمة مستقلة كبيرة ولها حظوظ عالية في تحقيق نسبة لا بأس بها من الفوز.
لكن الأخطر في القائمة المستقلة أنها ستؤدي إلى تشتيت أصوات الحركة والتأثير على فرصها بالفوز.
وكلفت اللجنة المركزية لفتح القيادي في الحركة جبريل الرجوب بإجراء اتصالات مع البرغوثي في إطار سعي الحركة لخوض الانتخابات بقائمة واحدة، وتجري الآن حوارات سعياً لتشكيل قائمة موحدة تمثل فتح.
السيناريو الثالث: البرغوثي ودحلان:
تحركات "التيار الإصلاحي الديمقراطي" المحسوب على القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان ربما تكون الأوضح والاسرع في الساحة الفلسطينية حتى الان خاصة أن الانتخابات تشكل الفرصة التي عمل عليها طوال السنوات الماضية واللحظة التي عمل عليها لاقتناصها والاستفادة منها وعرض قوته الشعبية.
لكن التيار لديه تخوفات لا يخفيها ويسعى لتحقيق فوز كبير في الانتخابات المقبلة وبناء عليه فإنه حاول أن يعيد سيناريو انتخابات 2006 حيث تحالف دحلان والبرغوثي وشكلا قائمة المستقبل في حينه واستطاعت ان تحقق فوزا لافتا.
القيادي في فتح حاتم عبد القادر والمقرب من البرغوثي أعلن أنهم لا يدعمون الدخول في حال لم يتفقوا على قائمة مع فتح، بأخرى يشتركون فيها مع دحلان، وأضاف: "لا أعتقد أن هناك ثمة إمكانية بين مروان ودحلان"، وتابع "مروان مع الشرعية ومع الرئيس أبو مازن"، لكنه لم يعترض أن يخوض دحلان الانتخابات بقائمة مستقلة.
وأقر القيادي السابق في فتح نبيل عمرو بصعوبة تشكيل الحركة قائمة واحدة بسبب "ظهور صراعات وإقصاءات في الحركة" منذ الانتخابات الماضية للمجلس التشريعي في عام 2006.
وقال عمرو إن قوائم المحسوبين على فتح لا تعني تشتيت الأصوات لمصلحة الحركة، معتبراً أن التمثيل النسبي للأراضي الفلسطينية سيكرس الديمقراطية القائمة على البرامج السياسية للأحزاب، وليس على العشائرية والمناطقية.