تفصلنا ثلاثة أشهر عن الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقررة في 22 مايو المقبل، وما زالت الأراضي الفلسطينية تعيش في ظل فرض حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بتاريخ 5/3/2020، لمواجهة فيروس كورونا، ومنذ ذلك الحين يتم تجديدها شهرياً.
بالأمس قال محمد اشتيه رئيس الحكومة الفلسطيني خلال المؤتمر الصحفي أن لجنة الطوارئ العليا، أوصت الرئيس عباس، بتمديد حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً.
تمديد حالة الطوارئ منذ قرابة العام بشكل مخالف للقانون الأساسي الفلسطيني ومع قرب الانتخابات يفتح باب التساؤلات حول مدى تأثير هذه الحالة على سير العملية الانتخابية خاصة أن حالة الطوارئ تعني إلغاء العمل بأحكام القانون وإطلاق يد السلطة التنفيذية وهو ما يتناقض مع فكرة الديمقراطية والانتخابات.
المحامي والناشط الحقوقي أحمد أبو فخيدة أكد أن القانون الأساس الفلسطيني هو الذي ينظم الحالة الدستورية في أي نظام حكم والانتخابات هي جزء من الحالة الدستورية، الهدف منها افراز السلطتين التشريعية والتنفيذية، متسائلاً: كيف يمكن أن يجري ذلك في ظل حالة الطوارئ؟ هذا غير منسجم مع فكرة الديمقراطية والانتخابات.
واعتبر أن اعلان حالة الطواري منذ البداية جرى بشكل مخالف للقانون الذي من المفترض أن يتم إعلانها بمرسوم رئاسي لمدة لا تزيد عن 30 يوما ولا يجوز تجديدها الا بموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، ولكن الرئيس أخذ المادة 43 من القانون الأساس كغطاء لإصدار مرسوم آخر للمصادقة على حالة الطوارئ بما أنه بات السلطة التشريعية في غياب البرلمان.
وقال أبو فخيدة: "لا يمكن اجراء انتخابات في ظل حالة الطواري لعدة أسباب أهمها أن حالة الطوارئ أصلا هي تنظيم غير منظم وهي تعطيل العمل بالدستور وتركيز الصلاحيات في يد السلطة التنفيذية من اجل إجراءات احترازية ولها شروط واحكام".
وأضاف: " يتعامل الرئيس والسلطة التنفيذية مع حالة الطوارئ بشكل غير قانوني بإجماع كل فقهاء القانون، ولكن إذا أردنا الحديث عن الامر الواقع هناك حالة من الفوضى الدستورية غير المفهومة".
وشدد الناشط الحقوقي أبو فخيدة على أن حالة الطوارئ بالأساس تقيد من حرية الأفراد، واجراء الانتخابات خلالها قد يكون مبررا لاحقا لإبطالها من قبل المحكمة الدستورية.
واعتبر أنه لا أحد يعرف مدى شرعية إجراءات الانتخابات في ظل الفوضى الدستورية والتشريعية وهي حالة لا يوجد لها أي تفسير قانوني، ومع ذلك فإن السلطة ماضية في تنفيذها.
ولفت أنه لن نشهد أي تغيير في حالة الحريات والحقوق وهناك اعتقالات سياسية مستمرة، معتبراً أن الانتخابات مسرحية ولن يتغير شيء من الواقع الفلسطيني بل شرعنة للديكتاتورية.
وما زالت السلطة الفلسطينية تمارس سياسة الاعتقال السياسي وتقييد الحريات في الضفة الغربية، الامر الذي يرهب الكثير من المواطنين من فكرة الترشح للانتخاب وممارسة الدعاية الانتخابية.
والجدير بالذكر أن إعلان حالة الطوارئ الحالي هو الإعلان الثالث منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث جرى إعلانها في المرة الأولى بتاريخ 5 تشرين الأول 2003 بموجب المرسوم الرئاسي رقم (18) لعام 2003، على كامل الأرض الفلسطينية أثر تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ونتج عنها تشكيل "حكومة طوارئ".
كما أعلنت حالة الطوارئ الثانية على جميع الأرض الفلسطينية بموجب المرسوم الرئاسي رقم (9) لعام 2007، بتاريخ 14حزيران 2007، لمواجهة "الانقسام الفلسطيني"، ونتج عنه أيضا تشكيل "حكومة إنفاذ حالة طوارئ"؛ لمواجهة الظروف المعلنة.