يبدو واضحًا أن التنسيق الأمني القائم بين أمن سلطة حركة فتح برام الله والاحتلال الإسرائيلي، لا يتأثر بتحسن الحالة الوطنية الفلسطينية، لا سيما في ظل الاستعداد للانتخابات الشاملة، بل هناك تخوفات من التأثير السلبي للتنسيق على مسار الانتخابات.
وتشهد مدن الضفة الغربية المحتلة استمرارًا للعمل بالتنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، بما يشمل ذلك تسليم مطلوبين للاحتلال، بحكم عملهم المقاوم، أو التنظيمي، وكذلك تبادل المعلومات حول فصائل المقاومة في مقدمتها حماس والجهاد والجبهة الشعبية.
وبرغم حالة التوافق الوطني على نبذ التنسيق الأمني، وفي ظل تحسن العلاقة بين فتح وبقية التنظيمات الفلسطينية بسبب الانتخابات، إلا أن سلطة فتح ترى في التنسيق الأمني أمرًا مقدسًا لا يمكن الاستغناء عنه، وهذا ما صرح به رئيسها محمود عباس مرارًا وتكرارًا.
وتشير التوقعات إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سيعبث بالانتخابات الفلسطينية، لا سيما على صعيد ساحة الضفة في ظل تحكمه بكل تفاصيلها، وبمساعدة من أطراف في السلطة لا ترغب في الانتخابات من حيث المبدأ، فكيف ستسمح لحماس مثلا أن تجري دعاية انتخابية أو مشاركة كوادرها في العملية الانتخابية برمتها.
وفي أحدث تقارير جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) الذي نشره موقع واللا العبري، قبل عدة أيام، فإن الانتخابات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تنضم كمحفز للتوتر الذي يمكن ان يحدث عام 2021.
وقد تمثل هذه المسألة نقطة تجمع السلطة والاحتلال لملاحقة كوادر حماس، وهذا ما يحدث فعليًا على أرض الواقع حاليًا، باستمرار اعتقال السلطة لكوادر حماس دون أي تهمة، ومسوغ قانوني، في حين أن ملاحقتهم ستؤدي حتمًا إلى الإضرار بمستوى مشاركة الحركة في الانتخابات، على صعيد الترشيح والانتخاب والدعاية الانتخابية كذلك.
ولا تخفي حركة حماس تخوفها من التنسيق الأمني والاعتقال السياسي، وتأثيرهما على المسار الانتخابي في الضفة الغربية، وهذا ما جاء على لسان القيادي فيها خليل الحية خلال لقاء إعلامي قبل عدة أيام، ومن ثم تهديد رئيس الحركة بغزة يحيى السنوار بأنه لن يسمح (لإسرائيل) بالتدخل والعبث في الانتخابات الفلسطينية.
وفي التعقيب على ذلك، يقول الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية أحمد رفيق عوض إن الاحتلال الإسرائيلي يعير الانتخابات الفلسطينية اهتمامًا بالغًا وإن أظهر خلاف ذلك، نظرًا لخصوصيتها من حيث الموعد إذ تأتي بعد غياب 15 عامًا، وفي ظل ظروف سياسية وأمنية مختلفة تمامًا عن 2006.
ويضيف الدكتور عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الاحتلال الإسرائيلي يحافظ على التنسيق الأمني مع السلطة، نظرًا إلى النتائج الإيجابية التي يحققها على الصعيد الأمني والسياسي في الضفة، ولا خلاف أن الاحتلال سيستغل ذلك في مسار الانتخابات الفلسطينية التي ستعقد في مايو المقبل.
وأشار إلى أن التنسيق الأمني والعلاقة مع الاحتلال أبرز المعيقات أمام تحقيق المصالحة الفلسطينية، ومن ضمنها الانتخابات، التي قد لا تسير بالشكل الطبيعي، في ظل الظروف الحالية التي تشهدها الضفة، ويعمل الاحتلال على تثبيتها من خلال الاعتقالات التي تستهدف كوادر حماس والجهاد والجبهة الشعبية على وجه الخصوص.