وسام عفيفه
تسونامي المؤتمرات يغطي جدول أيام الصحفيين والمثقفين والنخبويين, بمختلف مسمياتها العلمية والثقافية والإعلامية والسياسية والاقتصادية.
لكن ما يميز مؤتمرا عن آخر جملة تطبع في بطاقة الدعوة: "يتخلل جلسات المؤتمر استراحة لتناول طعام الغداء", وهي كفيلة بحل أهم مشكلة يواجهها منظمو المؤتمرات متمثلة في قلة الحضور.
بعض المؤتمرات "الفقيرة" التي لا تتضمن هذه الفاعلية المهمة (تناول الغداء) يقتصر الحضور فيها على أصحاب المؤسسة.. يعرضون الأوراق على أنفسهم, يناقشون بعضهم, يصورون مسئولي المؤسسة ويدفعون ثمن القاعة والتجهيزات, ويعودون لبيوتهم على أمل أن يرد ذكر المؤتمر في بعض وسائل الإعلام.. "كصدقة صحفية".
احد الزملاء الصحفيين يكشف إحدى أسرار المهنة.. تصله يوميا عدة دعوات لمؤتمرات لا يعرف حتى سبب انعقادها, لكن ما يحدد حضوره للمؤتمر كلمة "تناول" في الدعوة و حجم التمويل المالي للمؤتمر الذي يحدد مدى "دسامة" الوجبة.
بعضهم يحضر افتتاح المؤتمر .. يسجل اسمه ويخرج "ليلقط رزقه" , ثم يعود ليحضر جلسة الغداء, يحصل على أوراق المؤتمر أثناء " تنكيشه لأسنانه" لتنشر او تبث لاحقا ويحدد موقعها ومساحتها مقدار ونوع الطعام.
المشكلة لا تكمن فقط باهتمام الصحفي او النخبوي "ببطنه" أكثر من جدول المؤتمر, لكنها تعبير عن حالة ضعف وتفاهة ورتابة وروتينية وهامشية بعض المؤتمرات التي تحولت إلى مجرد فعالية يتم إدراجها في التقرير المالي والإداري للمؤسسة, أو لتصنيفها كرقم جديد " المؤتمر الثاني –والثالث –والرابع- الخ"
وليس سرا أن منظمي بعض المؤتمرات يهتمون بالوجبة الغذائية و"البهرجات" المرافقة أكثر من الوجبة العلمية أو المعرفية التي يتضمنها المؤتمر.
ومن الأسرار الأخرى التي يتباهى خبراء المؤتمرات بإتقانها, أن اقصر طريق لوسائل الإعلام وتغطياتها هو بطون الصحفيين, وان مقياس النجاح–حسب وجهة نظرهم- تتمثل في حجم التغطية والمساحة الإعلامية بغض النظر عن نتائج المؤتمر.
أكثر من ذلك.. تثير وجبة المؤتمر الغذائية، وما تضمنتها موائدها، النقاش, أكثر مما تضمنته "طبخة" المؤتمر العلمية والأوراق والمداخلات والنتائج.. فيما تدار حلقات نميمة أثناء عرض الأوراق والمداخلات.
يمكن على ضوء هذه الحقائق تقديم نصائح لمنظمي المؤتمرات لتفعيل الحضور:
-استبدال جدول أعمال المؤتمر "بالمينيو"
- توزيع الوجبة الغذائية والمشروبات والمقبلات والمكسرات على جلسات المؤتمر لإجبار الحضور -وخصوصا الصحفيين- على البقاء أطول فترة في القاعة.
- الإعلان عن حلويات فاخرة من أشهر الماركات عقب نتائج وتوصيات المؤتمر.
على أية حال .. وبغض النظر عن أهداف المؤتمرات والمؤتمرين ,نحتاج لمؤتمر يناقش أزمة طغيان ثقافة البطون على ثقافة العقول , واهم نقطة في جدول أعماله ألا يتضمن "تناول الغداء" وألا يبحث عن صدقات صحفية لتغطيته.. وان ننفذ توصياته حتى لو طالبت بتجميد تنظيم المؤتمرات إلى حين النضوج.