بقلم : وسام عفيفة
زوجة تشتكي: من يوم ما ترك زوجي العمل -مستنكف– اشترى كمبيوتر وشبك انترنت, ويا ريته ما شبك.. صار ليله نهار ونهاره ليل, عينه على الشاشة، يتنقل من الشات للصور للأفلام, والمشكلة الأكبر يطالبني أكون مثل نسوان الانترنت.
ورجل في الأربعينات من عمره شاهد أخيرا صوره وهو يتعرى أمام كاميرا الانترنت بعدما اكتشف أن صديقته المفترضة على الشات (برامج محادثة وصداقة) ما هي إلا احد أصدقائه تقمص دور فتاة انترنت "مغناج" وأسقطه في الكمين (نكشة راس),الراجل من يومها وهو بيمشي مطأطئ الرأس.
بدل ان نغزوه غزانا.. الله يعينا عليه. كل يوم نسمع قصص وشكاوى حول استخداماته.
بسببه ناس تحولوا من محترمين الى "هبل" وآخرون إلى مدمنين, وغيرهم مهووس, وبعضهم صار عقلهم ملحوس, وجماعة "الفوركس" خسروا أموالهم واعتبروا حظهم منحوس.
المهم نتيجة كل هذا انه بدل أن ننتقل من حالة الأمية المعلوماتية انتقلنا إلى جاهلية الانترنت.
يستخدم 23% من سكان العالم الإنترنت, ونسبة استخدامه في فلسطين جيدة نسبياً, حيث أنها من بين أعلى 10 دول في الشرق الأوسط .
ولكن ماذا تعني الإنترنت هذه الأيام؟ هل هي وسيلة عملية, أداة اجتماعية, سوق, أداة للتنمية, وسيلة تعلم، أو حتى مجتمعا كاملا.
قال البعض للانترنت ثلاث فوائد:
-الحصول على المعلومات
-الاتصال والتواصل
- عرض حضارتنا وقضيتنا على العالم.
لكن يا حسرة.. السواد الأعظم استخدم الانترنت كوسيلة مسخرة, وحكي فاضي, وبدل عرض حضارتنا صار البعض يعرض جسده -أو جسدها- عبر الكاميرا لكسب المعجبين والمعجبات.
اجتياح جاهلية الانترنت وصل حد الأطفال، بات العالم كله أمامهم بخيره وشره, وعادة ما يغلب الشر الجهل.
أم تتباهي: "اصغر ولد من أبنائي في الأول الابتدائي يفتح الانترنت" وهي أصلا لا تجيد استخدام الكمبيوتر.. فاجتمعت الطفولة البريئة مع الأمية(الحاسوبية) والنتيجة: الولد يتعرض لسيل من الصور والأفلام والمعلومات والألعاب والعنف والإدمان والهوس دون حسيب او رقيب.
حبّيبة زمان وأصحاب المعاكسات كانوا يستخدموا الرسائل والتلويح والإشارات من الشبابيك, وكان ربنا يستر.
لكن اليوم شغالين على البريد الالكتروني وعلى الماسنجر, بل يدخل "الحبيب" غرفة النوم من خلال الكاميرا.. وربنا يلطف.
لا يكفي ان نكون عاشر دولة تستخدم الانترنت في الشرق الأوسط او نتباهى بزيادة عدد المستخدمين او مشتركي الانترنت.. بأعلى صوت نقول: نحتاج أن نتعلم كيف نستخدم الانترنت وإلا واجهنا جاهلية الانترنت.